الوحدة 30-9-2023
ماذا عن صحّةِ الطفل، وهي، كما تعلّمنا، تاجٌ على رؤوسِ الأصحّاء؟
هي ثنائيةُ يعرفها الأهلُ، وتحديداً الأم، ثنائيةُ الطفلِ والطبيب، في رحلةٍ تبدأ منذ أوّلِِ حضورٍ للطفل، وهو في مرحلةِ الجنين، إلى أن تنمو مداركُهُ ويستطيع القولَ: أنا مريض..أحتاج لزيارةِ طبيب..
أمراضٌ عديدةٌ، منها ماهو موسمي، ومنها ماهو مزمنٌ وخطير، وسلةُ علاجاتٍ وارشاداتٍ حاضرة، نقلّب في مضامينها وأبعادِها الصحيّة، من خلال هذآ اللقاء مع الدكتورة نازك عبّود:
– يتعرّض الطفلُ لمرضِ السعال. ماهي طرقُ الوقايةِ والعلاج السليم له؟
الأمراضُ التنفسية شائعةٌ جداً، خاصةً في فصليّ الخريف والشتاء حيث يتعرّض الطفلُُ، على الأقلّ، لمرةٍ واحدة للإصابة بإنتان تنفسي (سعال)، ولتجنّب تكرار الأعراض وشدّتها يجب الابتعاد عن الأماكن المزدحمة قدرَ الإمكان، بالإضافةِ إلى الامتناع عن التدخين والأراكيل في الأماكن المغلقة، وخاصةً بحضور الأطفال، مع العلم أنَّ نزلاتِ البرد غالباً لاتحتاج لإعطاءِ أدويةٍ سوى معالجاتٍ عَرَضية، لتخفيفِ الأعراض: خوافض حرارة- مضاد احتقان عند اللزوم- مع تجنُّب استخدام الصادّات بدون وصفةِ طبيب.
– في موسمِ البرد والأنفلونزا تحدُث التهاباتٌ في القصبات، وكذلك التهابات جيوب أنفية. ماهي سُبُلُ الوقايةِ والعلاج؟
كما ذكرنا سابقاً إن الكريب (الرشح أو الأنفلونزا)، لاتحتاج في معظمِ الحالات إلى معالجة، إلاّ إذا حدثت اختلاطاتٌ للمرض، (التهاب جيوب- التهاب أذن وسطى- التهاب قصبات)، في هذه الحالة الطبيب يصف العلاجَ المناسب، دون لجوءِ الأهل لاستخدامِ الصادّات بلا مشورةِ الطبيب.
– الأمراض المزمنة (سكري- قلب- أمراض سرطانات- أمراض المفاصل)، تشكّلُ عبءاً على الأهل، وعلى الطبيب، وبالتالي على الدولة، فهذه الأمراض تحتاج إلى تضافرِ الجهود لمساعدةِ هؤلاء المرضى من ناحية الكلفة، أو من ناحية الدعمِ النفسي للطفلِ وللأهل معاً، وغالباً تتحمّل الدولةُ العبءَ الأكبرَ بتدبير العلاجاتِ المناسبةِ لها، رغم الكلفةِ الماديةِ الكبيرة.
– هل من إرشاداتٍ علاجيةٍ لحمايةِ الطفل؟ مع كيفية تقديمِ الرعاية اللازمة له؟
قبل إنجاب الطفل لابدّ من الحرصِ على تأمين الظروف المثالية له، وأهمّها ابتعاد الحامل عن التدخين أثناءَ الحمل، وتأمين الجوّ الصحي، بمنع التدخين والأراكيل قدر الإمكان، بالإضافةِ إلى تجنُّب استقبال أو زيارةِ أشخاصٍ مرضى، وتأمين الوارد الغذائي الجيّد.
– ماهي أهمية اللقاحات للأطفال؟ وهل هناك جدوى من أخذِ لقاح (الكريب) مثلاً؟
نعمةُ طبِّ الأطفال هو اختراعُ اللقاحات، لذلك، فاللقاحاتُ ضروريةٌ جداً جداً، ولايجوز عدم أخذ اللقاح إلاّ بوجودِ مضادّ استطبابٍ يحدّده الطبيب.
والدولةُ مشكورة على تأمينها، حتى الآن، اللقاحاتِ الأساسية، مع تأمين حالةِ الحفظِ الجيد لها، وهي تشمل:
اللقاحَ الخماسي: (شللَ الأطفال- ديفتريا- كزاز السعال الديكي- وعصياتِ النزلة الوافدة) بالإضافةِ إلى (لقاح التهاب الكبد B ولقاح الحصبة، والحصبة الألمانية والنكاف).
لقاح الكريب يُستطبّ لكلِّ الأطفال فوق الستة أشهر (أكاديمياً)، لكن بسبب صعوبةِ توفُّرهِ وغلاءِ ثمنه، حالياً، يقتصر إعطاءه لمرضى الربو، الإنتانات الرئوية المزمنة، والأمراض القلبية، وحالاتٍ خاصّةٍ أخرى.
– ما تأثيرُ نقصِ الغذاء على صحةِ الطفل؟ وما هي السلةُ الغذائية المطلوبة لجسمِ طفلٍ سليمٍ معافى؟
وما فائدةُ وأهمية وجبةِ الفطورِ للطفل؟ وماهي مكوناتها الضرورية؟
يحتاج الطفل في السنوات الأولى إلى واردٍ غذائيٍّ متكامل، لتأمين الصحة الجسدية والعقلية: (الحليب والأجبان، واللحوم، والبيض، والخضر والفاكهة).
ووجبةُ الفطور وجبةٌ أساسية قبل ذهاب الطفل إلى المدرسة (كأس حليب، أو جبنة، أوبيضة)، وكل ذلك حسب استطاعة الأهل.
– الملوّنات، والشيبس، وأنواع الأكياس والعصائر الصناعية، المعروضة على واجهاتِ المحلات، التي تغري الطفل. ماهي أضرارُها؟ ومامدى استطاعة الأهل اقناع طفلهم باستبدالها بما هو مفيد؟
هذه المواد لايُنصح بها، وهي غير مرغوبة في المطلق، سواء المواد التي تحويها، أو في طريقة حفظها.
لذلك، دائماً ننصح أقاربَ وأهلَ الطفل بتجنُّب شراءِ مثل هذه المواد، التي يعتبرونها مُفرحة له، وهي ذاتها قد تتسبّب في إدخالهِ المشفى.
الطفل قبل عمر الثلاث سنوات، لايعرف هذه المواد إلا من خلال الكبار، ويمكن الإستعاضة عنها بما تعدّه الأم من مُشهياتٍ وحلويات داخلَ المنزل (البوشار- الكيك- الكاتو- فطائر بأنواعها..) وهي صحياً أفضل لجسم الطفل، وموثوق بها.
– مادورُ الرياضة في صحةٍ سليمةٍ للطفل؟
الرياضةُ ضروريةٌ لجسمِ الطفل ولنموّهِ الجسميِّ والعقليّ.
وأشدّد على منحِ الطفل الحصةَ الرياضية المدرسية المقرّرة كاملة سواء الجري، أولعب الكرات، أومختلف التمارين الرياضية المعروفة، لما فيها من فائدةٍ جسديةٍ وعقليةٍ واجتماعيةٍ بالغة.
وننوّه إلى ضرورة ممارسةِ النشاطاتِ الرياضيةِ حتى في فصلِ الصيف، قدر المستطاع، كالسباحةِ، وكرةِ السلة، والقدم، والجمباز، والكاراتيه، وصولاً إلى بنيةٍ جسميةٍ سليمة تخلق، تالياً، جيلاً سليماً، ومجتمعاً معافى.
– كيف نتجنّب العدوى بين الأطفال؟
عند مرض الطفل، على الأمّ استشارة طبيبِ الأطفال، في مدى خطورةِ عدوى بقية الأطفال، وبالتالي تجنُّب القيام بزياراتٍ برفقةِ الطفل، وعدم استقبال صغاراً آخرين في المنزل، وعدم إرسال الطفل المريض إلى المدرسة (حسب رأي وتقدير الطبيب)، وبالتنسيق مع الإدارة.
– هل اخترتِ دراسةَ طبِّ الاطفال عن رغبةٍ وشغفٍ بهذا العالمِ الطفوليِّ المدهش ؟
نعم، هو حبٌّ وشغفٌ بهذا العالمِ الرائع.
الطفلُ مخلوقٌ ضعيفٌ، لايستطيع التعبيرَ عن شكواه.
من خلال حبّنا له ولعالمه النقي، نستطيع التوصلَ، قدر الإمكان، لتحديدِ الشكوى، وتقديمِ العلاج المناسب، من هنا حدّدتُ رغبتي بالاختصاص في طبِّ الأطفال، وكان ذلك في مشفى الأطفال بدمشق، حيث انهيت هناك مرحلةَ الاختصاص سنة1987
– ماهي أهمُّ نصائحِك للأمِّ الحامل؟
على الأمِّ الحامل الاهتمامُ بالتغذيةِ المناسبة، والامتناعُ، بشكلٍ كامل، عن التدخين والأراكيل، والمراقبة الدورية عند طبيب التوليد، لكشفِ أيةِ تطوُّراتٍ قد تشكلُ خطورةً على الجنين، أو على الحامل.
– بعد الولادة لابدّ من فحصٍ شاملٍ للطفل الوليد، ومتابعةِ صحتِه. ماضرورةُ ذلك؟
هناك بعضُ الأمراض يمكن تشخيصُها بعد الولادة (آفات قلبية- تشوُّهات هيكلية خارجية- تشخيص خلع الورك الولادي..)
وهناك فحوصٌ مخبرية تجري بشكل روتيني (أكاديمياً)، لكشفِ الآفاتِ الاستقلابية، وبعضِ الأمراض الوراثية، وقصورِ الغدة الدرقيّة، لكن للأسف هي مكلفة جداً.
شخصياً أنا اكتفي بطلب هرمون كشفِ قصورِ الغدّة الدرقيّة، إذا أمكن.
والدولةُ بدأت ببرنامجِ كشفِ نقصِ السمع عند الوليد، وهو برنامجٌ هامٌّ وضروري.
ختاماً، هل ثمّة نصائحُ تطرحينها على الاهل؟
عند مرض الطفل الرّجاء عدم اللجوء لتكرار وصفةٍ سابقة، كتبها لكِ الطبيب، لأنه، لكلِّ حالةٍ خصوصيتُها، الرجاء عدم استخدامِ الصادّات (أدوية الالتهاب)، دون استشارةِ الطبيب.
عند الشكّ بجرعةِ الدواءِ الموصوفةِ، لاتتردّدي بالاتصال بالطبيبِ لتأكيدِ الجرعةِ المناسبة، وهناك مثلٌ شعبيٌّ يقول: (إذا ابنك بخير، سكّر باب بيتك عليه واقعد).
جورج ابراهيم شويط