مدارس القرداحة المستأجرة .. لا حياة لمن تنادي !

العدد: 9358

30-5-2019


ونحن على أبواب وداع عام دراسي، كان لابد لنا من الوقوف عند العديد من المفاصل الهامة التربوية والتفاصيل اليومية فيما يخص التربية والتعليم، ونختار منها اليوم واقع الأبنية المدرسية في منطقة القرداحة متسائلين: ألم يحن الوقت للالتفات إلى واقع الأبنية المدرسية والتي كانت في أماكن متعددة من سورية، ليست مصدر علم وإشعاع فحسب بل أيضاً كانت المأوى والملجأ والملاذ الآمن للكثير من السوريين الذين هجروا من بيوتهم ومدنهم بفعل الإرهاب اللعين وقد شرعت أبوابها لاستقبالهم.

وللحقيقة وحسب شكاوى الأهالي والأبناء خلال تجوالنا في ريف منطقة القرداحة كان الحيز الأكبر من الشكوى والنصيب الأهم للمدارس بمختلف مراحلها وضرورة صيانتها صيانة كاملة من النوافذ والأبواب إلى دورات المياه والمشارب والمداخن، إلى ضرورة الدهان وعزل الأسطح والجدران إلى تسوية الساحات في الكثير من المدارس..
ولكن التفصيل الأهم والذي كان يأخذ الحيز الأكبر من الاهتمام هو واقع المدارس المستأجرة، فالجميع يطالبون بواقع يليق بالعملية التربوية مؤكدين أن واقع غالبية المدارس المستأجرة لا يليق بالطفولة ولا التربية والتعليم وحتى لا يكون الكلام جزافاً سنسوق أمثالاً متعددة ونعرض واقع بعض المدارس المستأجرة والتي حمّلنا الأهالي مسؤولية تسليط الضوء عليها ونقل واقعها الموجع وإيصال صوتهم إلى كل معني في هذا المجال.

 

* وكانت البداية مع مدرسة قرية ترمي والتي يعاني الأهالي فيها الأمرّين من سوء وضع بنائها ويحدثنا عنهم السيد بشار سلمان أمين الفرقة الحزبية قائلاً: وضع بناء المدرسة المستأجر مزرٍ للغاية من حيث الماء والكهرباء والنوافذ والحمامات و..و..و. ومطالباتنا منذ نحو الـ 15 سنة ببناء مدرسة علماً أنه عدد سكان القرية يزيد عن 2000 نسمة حيث طالب آباؤنا قبلنا ونتخوف أن يطالب أبناؤنا من بعدنا بنفس المطالبة، وأشار إلى أن العديد من الأهالي نقلوا أبناءهم إلى الفاخورة بسبب سوء المكان وضيقه مضيفاً بأنه يجري العمل حالياً على استملاك قطعة أرض لتسريع العمل ببناء المدرسة.

* مديرة مدرسة ترمي وعد فياض قالت: على الصعيد التعليمي المدرسة متميزة بكادرها وأبنائها ونشاطاتها فقد أقمنا مؤخراً ورغم كل الظروف القاسية عرساً طفولياً على مستوى منطقة القرداحة شارك به كل أبناء المدرسة بالإضافة إلى تأهيل 20 من أبنائها بالريادة الطليعية على مستوى المنطقة وخمسة منهم على مستوى المحافظة، وأضافت بالنسبة للبناء فهو قديم ومتعب ومؤلف من أربع غرف صغيرة جداً نوافذه مكسرة وأبوابه مخلوعة والمطر يملأ المقاعد والأرضية ويصل إلى ارتفاع 10 سم في العواصف، والجرذان والحشرات تتنقل ببساطة في المدرسة بسبب الشقوق بالجدران وبلاط الأرضية ولا يوجد ساحة بل يمارس الأطفال نشاطهم بالأراضي الزراعية المجاورة والموحلة كل الشتاء، مشيرة إلى أن المدرسة بدوامين نتيجة ضيق الصفوف وصغرها، لافتة إنها حاولت مع زملائها في المدرسة وبعض الأهالي صيانة العديد من الأمور مثل تمديدات مياه جديدة وتركيب مغسلة وتسليك الحمامات فقط ليشعر الطفل بإنسانيته وبأهميته الفترة الدراسية التي يمر بها.

* مدرسة بتنبول حدثنا عنها السيد علاء سلهب عضو مجلس المحافظة والمتابع الدائم لوضع المدرسة في قريته قائلاً: مدرسة بتنبول مستأجرة منذ العام 1981 وهي مؤلفة من غرفتين صغيرتين وجزء من بيت مأهول تفتقر لكل مقومات التعليم من ساحة وحمامات حتى إنها لا تتسع للمعلمات فيها والصفوف فيها مجمعة، وهذا ما أدى إلى هجرة طلاب القرية إلى مدارس القرى المجاورة مع ما سببه من معاناة للأهالي والطلاب معاً.

وأضاف السيد سلهب إنه وبعد المتابعة تم الحصول على الموافقة من مديرية الزراعة لبناء مدرسة على العقار /555 بور أملاك دولة/ وقد تم الكشف عليها من قبل مديرية الخدمات الفنية والموافقة على المكان كونه مناسب كمساحة وموقع والآن تجري المراسلة ما بين الخدمات الفنية والزراعة للتخصيص واستملاك العقار لصالح مديرية التربية للبدء ببناء مدرسة للقرية.
* مدرسة رويسة بدرية تحدث عنها الأستاذ وعد عثمان مدير المدرسة قائلاً: المدرسة مستأجرة منذ 1978 وهي عبارة عن بنائين متباعدين لا حمامات فيها ولا ماء للشرب ونوافذها مكسرة وأبوابها مخلعة وشبكة الكهرباء فيها سيئة للغاية، وقد قدمنا صيانة عامة فأجابوا بأنه لا يوجد مجال كونها مدرسة مستأجرة، نتمنى لو يتم توجيه المنظمات الدولية والمؤسسات والجمعيات الخيرية باتجاه المدارس المستأجرة وإجراء الصيانات اللازمة لها وذلك للضرورة القصوى.

* مدرسة اسطمنا تحدثت عنها الآنسة هدى جديد قائلة: المدرسة مستأجرة من 15 عاماً يدرس فيها 66 طالباً لهذا العام بناؤها جيد نسبياً مؤلف من ستة صفوف وإدارة كبيرة وقد طالبنا كثيراً ببناء مدرسة للقرية عن طريق الشعبة والمحافظة والتنمية المحلية، وقد تبرع أهل القرية بأرض لبناء مدرسة ولكنها بعيدة وغير مخدمة ولذلك حالياً يحاولون شراء أرض بمنطقة محايدة ونتمنى أن تساعدنا مديرية التربية بشراء الأرض أو أن توجه للبلدية بالشراء وخاصة بعد أن تحول عقد الآجار للمدرسة من عقد مفتوح إلى موسمي يستطيع المؤجر أن يخرجنا من المدرسة متى ما شاء، هذا بالإضافة إلى معاناة طلابنا في الحلقة الثالثة الذين يدرسون في المتن ويمشون مسافات طويلة 6 كم ويقفون أوقات طويلة ليتأمن لهم وسيلة نقل عدا عن دوامهم الصباحي والمسائي حيث لا يصلون شتاء للمساء.
* مدرسة العزيري يحدثنا عنها السيد أحمد شيحا من لجنة التنمية المحلية في القرية قائلاً: لا نظن نحن أهالي القرية أنه يوجد وضع مدرسة أسوأ من وضع مدرستنا من حيث البناء المتهالك فالمدرسة مستأجرة وهي من قسمين غرفة بأول القرية وغرفة بآخرها، حيث إنهم أعادوا الخامس والسادس إلى المدرسة تم استئجار قسم ثاني بعقد موسمي يتجدد كل عام أما القسم القديم فهو مهترئ وسقفها يدلف الماء، والمدرسة مستأجرة منذ حوالي 35 سنة وقد تم وضع نايلون على سقفها مثبت بمسامير للحد من دخول الأمطار إليها بالإضافة إلى أنه لا يوجد في المدرسة حمامات ولا مغاسل ولا ماء شرب ولا ساحة، ويدرس الطلاب في صفوف مجمعة كل صفين بشعبة، علماً أنه يوجد عقار برقم 461 وبمساحة دونم يقع في منتصف القرية وهو مناسب جداً للجميع لبناء مدرسة، نتمنى المساعدة وبناء مدرسة صحية ولائقة أسوة بالجميع.
* مدرسة الجبيرية تحدث عنها السيد خضر صقور أمين الفرقة الحزبية قائلاً: مدرسة قريتنا مستأجرة منذ خمسين عاماً وبناؤها متهالك وغير صحي ولا يصلح للتعليم يدرس فيها نحو 50 طالب من الصف الأول للرابع، حيث تمت إضافة صفي الخامس والسادس للحلقة الثانية نتيجة سوء وضع الابتدائية وواقعها المؤلم والمرير للتلاميذ وللكادر التعليمي والإداري وللأهالي حيث لا يوجد فيها دورات مياه ولا مياه شرب ولا ساحة للمدرسة سوى تلك المساحة الصغيرة جداً أمام الغرف الصفية والتي تهدد حياة التلاميذ خشية الصعود من الارتفاع الشاهق حيث لا يوجد أي سور يحيطها، وقد تقدمنا بطلب خطي إلى السيد المحافظ باسم أهالي قرية الجبيرية من أجل بناء مدرسة فيها وقد أبدى السيد المحافظ والدكتور أمير والأستاذ عيسى إبراهيم كل تعاون في هذا الصدد، وأكد الدكتور أمير على وضع بناء المدرسة ضمن الأولويات في الخارطة المدرسية وحول الكتاب المقدم أصولاً إلى التربية والخدمات الفنية مع الإشارة بأن الأرض موجودة حسب المخطط التنظيمي المصدق أصولاً وهناك أيضاً أرض أخرى بديلة يتبرع بها أحد أبناء القرية لهذا الغرض.
* مدرسة بسيقة الشرقية تحدث عنها السيد عز الدين دغمان أمين الفرقة الحزبية قائلاً: المدرسة بناء مستأجر لا تصلح للاستخدام البشري بناؤها قديم جداً ومتصدع ولا يتوفر فيها أياً من مقومات التعليم الحديث والصحي ويدرس فيها كل صفين في قاعة واحدة علماً أنه تمت المباشرة ببناء مدرسة جديدة من طابقين منذ عدة سنوات في القرية حيث تم صب السطح الأول فيها ومن ثم توقف العمل دون معرفة الأسباب علماً أن تجهيز طابق واحد يفي بالحاجة على الأقل حالياً وقد قمنا بمراجعة وسؤال كافة الجهات المعنية حول المدرسة الجديدة التي نتمنى إعادة العمل بها وإتمام بنائها رأفة بأبناء القرية.
* مدرسة مرج موسى تحدث عنها السيد ياسر ديب أمين الفرقة في القرية قائلاً: المدرسة مستأجرة فيها من الأول للسادس مؤلفة من أربع غرف وإدارة فيها بعض الصفوف المجمعة ، لا يوجد فيها دورات مياه ولا ماء للشرب وتقع مباشرة على الشارع دون أي ساحة ولو صغيرة، علماً أن المؤجر نفسه تبرع بأرض جانب المدرسة لبناء مدرسة تستوفي كافة الشروط الصحية والنظامية ضمن القرية.
* مدرسة عنانيب أيضاً حلقة ثانية مستأجرة حدثنا عن وضعها السيد علاء الدين محمد قائلاً: واقع المدرسة سيء للغاية فالبناء قديم جداً وقد تأثر بالرطوبة جداً حتى ظهر الحديد في سقف الغرف، لا حمام فيها ولا مخبر ولا ماء ولا كهرباء ولا نوافذ فيها ثلاث شعب صفية وإدارة ويدرس فيها 40 تلميذاً وقد تحولت الإدارة إلى مستودع للكتب القديمة والكراسي والنفايات من عشر سنوات وأيضاً هي غرفة للموجهين وأمانة السر وأمين المكتبة والمدرسين والمضحك أيضاً عدم وجود أي حاسوب في المدرسة والطلاب يأخذون الدروس بشكل نظري ولا يعرفون أي شيء عن الحاسوب، أيضاً يعاني التلاميذ والمدرسون من الروائح القاتلة من زريبة الحيوانات المجاورة، وأضاف وضع المدرسة سيء ومزر من جميع النواحي وغير لائق صحياً ونتمنى لو يتم نقلها إلى المدرسة الابتدائية المحدثة في القرية وإراحة الطلاب والمدرسين من هذا الوضع.
– السيد عدي حبيب مدير المجمع الإداري والتربوي بالقرداحة أجابنا عن بعض التساؤلات حول واقع المدارس المستأجرة في القرداحة قائلاً: ضمن قانون المدارس المستأجرة التربية لا تقوم بالصيانة أبداً وإنما تقع الصيانة على عاتق المؤجر، ونحن دائماً بصدد البحث عن البديل الأفضل لتلاميذنا والذي يحقق كافة الشروط الصحية المناسبة وذلك بإيعاز واهتمام من السيد المحافظ والسيد مدير التربية مهما كلف الأمر ريثما تسمح الظروف ببناء مدارس بدل المستأجرة، ومثال على ذلك مدرسة الجوفية التي تم استئجارها لتأمين راحة أبنائنا الطلبة رغم أجرها المرتفع، وبالنسبة لبعض المدارس مثل مدرسة ترمي فقد تم تقديم العديد من الحلول والاقتراحات منها الانتقال من المبنى الحالي إلى مبنى آخر مستأجر تتوافر فيه شروط صحية مناسبة مثل التهوية والإنارة وعدد الغرف المناسب لعدد الطلاب مع غرفتين إداريتين ولكن تم الاعتراض عليه من قبل الأهالي، والحل الثاني الانتقال إلى بناء حكومي جديد بالقرب من القرية ويبعد عن منتصفها مسافة 2 كم لكن الأهالي رفضوا أيضاً على أمل أن يبنى مدرسة خاصة بقريتهم وحالياً تم لحظ قطعة أرض في منتصف القرية ويتم العمل حالياً على استملاكها.
وأكد السيد حبيب إنه رغم صعوبة الظروف والحصار الاقتصادي التي تعاني منه البلد بكل مؤسساتها وهذا ما ينعكس على صعوبة إمكانية توفر السيولة والاعتمادات اللازمة لبناء المدارس بدل المستأجرة إلا أنه تم على صعيد آخر صيانة عدد كبير من المدارس وقد تضمنت الصيانة إصلاح النوافذ والأبواب والدهان ودورات المياه والصرف الصحي مثل مدارس الضاحية، كلماخو، المعلقة، بجوارة، عين الحياة، بطارين و..، وحالياً ملحوظ بناء مدرسة في حي شهاب الدين وذلك بسبب الكثافة السكانية الكبيرة.
وأضاف حبيب يوجد في المنطقة 166 مدرسة منها 123 مدرسة حلقة أولى و12 مدرسة حلقة ثانية و12 مدرسة حلقة أولى وثانية معاً و23 مدرسة حلقة ثانية مع الثانوية بالإضافة لوجود 32 ثانوية بما فيهم الثانوية الصناعية والفنية.
وأخيراً:
ذكرنا لكم بعض المدارس المستأجرة وهي عينة من 26 مدرسة مستأجرة أغلبها واقعها سيء وهمومها متشابهة وجميعنا يعلم أن نجاح العملية التربوية والتعليمية ينعكس إيجاباً على كل المجتمع ويضيء كل تفاصيله ويدفع بالعربة قدماً للأمام ولذلك وللوصول إلى هذا الهدف السامي نتمنى أن تتضافر جميع الجهود للارتقاء بوضع مدارسنا وتأمين كافة الظروف المناسبة والاحتياجات للنهوض بالعملية التعليمية والتربوية.

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار