صاحب الظل الخفيف

العدد: 9357

29-5-2019

قديماً كلما قام زائر بزيارة أهل الكرم والجود كان الاستقبال حاراً وكلمات التهليل تسبق كلمات الترحيب والمصافحة والتقبيل، وقلوبهم من صدورهم تكاد أن تطير متمنين للزائر الكريم إقامة طيبة في جو اللقاء السعيد، والمكوث طويلاً في حضن أجمل ليالي السمر على ضوء قناديل النجوم ونور قمر نيسان، والتحدث بحرية الأحاديث اللطيفة التي تخص شؤون العائلة والأهل والأصدقاء وما استجد فيها من أفراح وأتراح وعن حلاوة الأيام التي خلت ودون خوف من تأمين الرغيف وطلبات البيت الدائمة وتطبيق قانون العادات والتقاليد الاجتماعية وزيادة تبادل الزيارات العائلية في الأعياد والمناسبات والدعوة للقيام برحلات جماعية في المصايف العالية للاستجمام وعلى شاطئ البحر للاستحمام والجلوس تحت الخيام لتناول السوائل الباردة وقضاء أسعد الأوقات باللهو والتسلية وأجواء من الطرب يشربون كأس محبة الوطن حتى العقول تسكر ونجمة الفجر تقرع أبواب الصباح لتتحرك عجلة الحياة والميسور منهم يدفع النفقات لأنه لا فرق ما بين جيب هذا وجيب ذاك، والبخيل يتوارى عن النظر، أما الآن وفي هذه الظروف القاتمة لكل خطوة لها حسابها ورصيدها الخاص أمام تيار هجوم الأسعار وأثقال الهموم المحمولة على الأكتاف والراتب لم يزل في مكانه يراوح عاجزاً عن تأمين الطعام والدواء والكساء ومستلزمات تعليم الأولاد وفواتير الماء والكهرباء، والعين بصيرة واليد قصيرة وغصة الآه في الصدر كحد السيف تجرح ومتى حل الضيف عليك ولو كان ظله خفيفاً تتأفف وتتزمر وفي قرارة نفسك تغضب لأن الجيب من نصف الشهر فارغة والوقت محجوز ومرهون لتلبية الطلبات التي لا تنتهي والاحتياجات والوجبات السريعة التي لا تسمح لك الجلوس بحرية وقضاء أسعد الأوقات، وتبادل الأحاديث الطويلة وإعطاء الجواب لكل سؤال عن الظروف والتقاليد والعادات ومفهوم الحياة والتخفيف من الزيارات وإلغاء السهرات والرحلات وليالي السمر بسبب ما أفرزته الحرب الظالمة على بلدي سورية من الأمور المعقدة والمصائب والمعاناة والخوف من غدر صواريخ وقنابل الأعداء التي بين الحين والحين تنهال على المنازل والمدارس والمستشفيات قلبي يتمزق ويتوجع وعيناي تبكي على كل شهيد استشهد في سبيل الوطن وعلى كل جريح ومصاب بشظايا القنابل ولومي وعتبي على الزمن الجائر الذي شوه وجه بلدي الجميل، بلد المحبة والحضارة والكرم والجود والعطاء والملجأ الآمن لكل الناس وبدل الأفراح بالأتراح وفصول الحياة وأحلام الليالي والرغبات والتمنيات ومواعيد تقديم الهدايا في الأعياد والمناسبات لتعود المياه إلى مجاريها والرياح كما تشتهي الرغبات ومن النافذة والأبواب تشرق شمس الأمل ليدخل الفرح كل دار بلا استئذان.

عيسى موسى موسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار