القــــــــــراءة فــــكرة لـــــم تنضــــج بعد عندنـــا وهـــذا يحــــتاج إلى تضـــــافر الجـــهود كــافة
العدد: 9357
29-5-2019
مع تنامي دور الشبكة العنكبوتية في أغلب المجتمعات انصرف أغلب الناس عن قراءة الكتاب إلى تصفح المواقع الإلكترونية بوصفها مصدراً بديلاً متطوراً للبحث عن المعلومة و متاحاً في جميع الأوقات و سريعاً بالتالي التحكم بالزمان و المكان المناسبين للقارئ للدخول إلى عالم الانترنت .
لكن المنعكسات السلبية للقراءة الالكترونية – لدى فئة الشباب خاصةً – كثيرة طالما أنها غير خاضعة للرقابة و الإشراف الموجهين نحو الفائدة و تنمية المعرفة و العلم، لذا فإن المواقع التي لا تقدم سوى الغث تحديداً من شأنها تشتيت الأفكار وتشويشها مما تشكل خطراً على الشباب جراء دخولهم متاهة الإدمان وهدر الوقت ومضيعته والعزوف عن قراءة الكتاب فضلاً عن التأثر بعادات المجتمعات الأخرى .
حول هذا الموضوع حدثنا عدد من المهتمين بالشأن الثقافي والمعرفي والفكري عن إقبال الأجيال الناشئة على القراءة الالكترونية و عوامل إمكانية العودة إلى الكتاب .
-الكاتبة والباحثة راغدة شفيق محمود قالت :
-اقرأ – هذا الفعلُ الطلبي الّذي اختصرَ الرسالة السماوية وواجب البشرية جمعاء في الاهتمام بالعلم وربط العلم بالقلم يدلّ على أهمية التدوين في الكتب لحفظ خبرات الإنسان وتجاربه وهي الإرث الثمين الذي ينتقل من الآباء إلى الأبناء والأحفاد.
ومن يتابع مراكز الدراسات العالمية يجد هذه الهجمة الشرسة على العرب لتسويق فكرة الجهل والابتعاد عن الكتب، وقد نجحت حملتهم بعض النجاح من خلال ظهور تيار يحض على العودة إلى قرون الجهل والتخلف وإقصاء كتب معينة ومنعها كالعلوم والفلسفة والتاريخ وغيرها.
ومن وحي السؤال يظهر الجواب هل حقاً نحن أمة لا تقرأ؟ لدينا ملايين الأطفال في مراحل التعليم المختلفة هؤلاء هم أعمدة البلاد وسواعده وهم يقبلون على المناهج الدراسية قراءةً وفهماً وتطبيقاً.
مناهجنا جيدة، ولكنها غير كافية لصقل شخصية الطالب المتفوق فهو يحتاج لكتب تغذي روحه وترتقي بفكره الخلاق وهنا ظهرت معارض الكتب وانتشرت على امتداد الجغرافية السورية و يقصدها الآلاف .
ومن يراقب الساحة الثقافية يجد انتشاراً واسعاً لكتب الأدب والشعر والدراسات ولكن فكرة القراءة لم تنضج بعد عندنا وهذا يحتاج لتضافر الجهود كافة الحرب لا تمنع أن نشتري الكتب وأن نؤلف الكتب وأن نصادق الكتب، وشراء الخبز لا يتعارض مع شراء الكتب فهذا غذاء للجسد وذاك غذاء للروح التائقة للسمو والإبداع.
وهذا يجب أن يسوق له من خلال الإعلام الوطني.. ولأصحاب الدخل المحدود ظهر الكتاب الإلكتروني الذي يوفر المال والجهد والوقت . أما بالنسبة لمواقع التواصل الاجتماعي وملايين المتابعين فهي سلاح بحدين يحتاج للكثير من التوجيه وخاصة وأننا نقف أمام معلومات غير موثقة من و لا يوجد احترام لمصدر الخبر.
وتبقى المهمة الأصعب كيف نختار الكتاب النافع ونحفّز عليه؟ بل كيف نختار مواقع إلكترونية تحمل المصداقية؟ وأين الخطط الحكومية لدعم الفكر والثقافة والقراءة.
-المحاضر في الشؤون الثقافية والفكرية ياسين حكيم قال :
فيما يتعلق بالقراءة بالأصل كانت خجولة واليوم تراجعت كثيراً وتكاد أن تكون معدومة..السبب استسهال الحصول على المعلومة من خلال الوسائل الإلكترونية. ..
بل يجب التركيز على الجيل في تعلم مهارات القراءة وحب الكتاب لأن للكتاب سحره وعطره ويبقى هو الأساس في التعلم والمعرفة وبالتالي بناء الشخصية المتوازنة.
وطبيعي هذا لا يلغي القراءة الالكترونية بل ربما تعززها وتضيف معارف علمية وحضارية وإنسانية.
بالعموم الثقافة هي ماض وحاضر ومستقبل أي ثالوث تراكمي من المعرفة.
-المهندس مصطفى بيشيني قال : للكتاب قيمة كبيرة وله سحر خاص وذكريات على مر السنين وهذه القيمة لن تزول مهما تطورت وسائل القراءة والإنترنت على اختلافها وكما قال المتنبي :
أعزُ مكانٍ في الدُنى سرجُ سابحٍ
وخيرُ جليسٍ في الأنامِ كتابُ.
-الموجهة الاختصاصية ميسم علي قالت : تسهم مكتبات المدارس في تشجيع الطلاب و حثهم على المطالعة وقراءة الكتب لكن المكتبات تختلف من مدرسة ﻷخرى تبعاً لأمين المكتبة ونشاطه.
فبعض المدارس تقوم بأنشطة متنوعة مستخدمةً سجلات لإعارة الكتب للطلاب، و يتم إجراء حوار مع الطلاب حول مدى اﻻستفادة من الكتاب وتقديم ملخص عن فكرة الكتاب.
طبعاً مع الإشارة إلى أن الأمور نسبية تختلف حسب مزاجية أمناء المكاتب وحسب الجهة المشرفة عليهم ومتابعتهم.
لقد أصبحت المطالعة أقل اهتماماً من السابق مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي شغلت معظم أوقات متابعيها، ورغم أن الفيسبوك يعد مصدراً هاماً لمعظم الناس من ناحية الحصول على المعلومة الكترونياً بسهولة فائقة، لكن متعة المطالعة بوجود كتاب نطالعه متى شئنا وفي أي مكان يكون خير رفيق وجليس.
ولابد من التأكيد على متابعة الجيل الشاب الذي يحتاج إلى قدوة من الأهل من أجل تشجيعه على المطالعة والذهاب به إلى المراكز الثقافية وحضور فعاليات ثقافية.
كما تحتاج المدارس إلى مبادرات ودورات توعية بأهمية الكتاب وتوعية الطالب بضرورة المطالعة وأهميتها .
-المهندسة أريج الخولي قالت : إن جديد المكتبات هي الكتب الالكترونية التي نجدها على مواقع الكترونية مختصة بهذا المجال و بسعر أرخص من النسخة الورقية، و هذا أمر ايجابي لاسيما لمن ليس لديه القدرة المادية الكافية لشراء الكتب والموسوعات الورقية التي حتما هي أغلى ثمناً.ومع الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي تناقص رواد القراءة والمطالعة – للأسف الشديد- تدريجياً وخاصة لدى الشباب الذين يمضون معظم أوقاتهم أمام هذه الشاشات .
و بات من السهل الوصول للمعلومة عبر التصفح الالكتروني السريع، هذا في حال كان لديهم الاهتمام بالمطالعة والبحث.
إن الجيل الجديد يحتاج إلى القدوة الحسنة والمتابعة الحثيثة من قبل الأهالي، لأن القراءة والمطالعة هما غذاء الروح…
أما القراءة الالكترونية فقد سهلت على القرّاء الحصول ع الكتب وبأسعار اقل، إلا أن رائحة الورق تعبق في ثنايا العقل وتدوم مادامت الحياة قائمة،لاسيما بوجود المراكز الثقافية في كافة المدن والمحافظات والتي سهلت الحصول على ما فيها من كتب وموسوعات للجميع ولكافة الأعمار وبشكل مجاني لمن يرغب ويهتم .
و في هذا السياق أنوه بأهمية عقد حلقات الكتاب في المراكز الثقافية وخاصة للأطفال لمناقشة ما تمت قراءته خلال فترة الاستعارة لما لذلك من فائدة كبيرة في زيادة ثقافة الطفل مع الإشارة إلى أنني وطفلي عيسى طالب صف أول لدينا صفحة بمكتبه الطفل لاستعارة الكتب في فصل الصيف .
-الصحفي نبيل سالم قال : رغم تطور وسائل المعرفة والاتصال، ولاسيما بعد الانتشار الواسع لشبكة الإنترنت، كمصدر جد هام من مصادر المعلومات، إلا أن أحداً لا يستطيع إنكار أهمية الكتاب في عالمنا و العلاقة الحميمية التي قد تربطنا به، زد على ذلك أن وجود الكتاب في البيت، من شأنه أن يدفع بشهية أفراد الأسرة لولوج عالم الثقافة والمعرفة، كما أن الكتاب يعد مصدراً مهماً لاكتساب المعرفة والخبرات في الحياة، لأنه نتاج أشخاص استطاعوا أن ينقلوا إلينا من خلال الورق، خلاصة تجاربهم في الحياة، وآراءهم على اختلافها.
ومع أن القراءة الإلكترونية باتت تشكل مصدراً مهماً في عالم الثقافة، لكن وجود الكتاب ومتابعة المعلومة من خلاله، تبدو أكثر متعة وفائدة، حيث يساعد التنقل بين أوراق الكتاب وسطوره، على تركيز المعلومة في الذاكرة أكثر من القراءة الإلكترونية.
لكن مع الأسف في ظل تطور الحياة، وتنامي المظاهر الاستهلاكية، وثقافة حب الظهور، نرى أن هناك من يقتنون الكتب، ليس من أجل أن ينهلوا من معينها المليء بالمعرفة، وإنما لوضعها على الرفوف، في مظهر لا يخلو من التفاخر والادعاء بأن صاحب هذه الكتب التي استقرت في المكتبات، أو على الرفوف شخص مثقف، له من المعرفة ما ليس لغيره، وهو ما يبعد الكتاب عن الهدف الحقيقي من اقتنائه، فالكتاب كما هو معروف ليس لوحة فنية، تعلق على الجدار، أو تحفة توضع في المكتبة، وإنما هو زاد حقيقيّ، لا يقل أهمية عن التزود بالطعام والشراب، لأنه يمنحنا المعرفة، وأي قيمة للمرء من دون علم أو معرفة؟!
ويصف البعض الكتب بأنهم الأصدقاء الحقيقيون الذين لا يخطئون أبداً، زد على ذلك أن الكتاب يأخذ القارئ إلى عالم الخيال وعالم المعارف والعلوم أيضا ولذلك لا غرابة أبداً في أن الشعوب الأكثر قراءة، هي الشعوب الأكثر تطوراً وحضارة، ومن هنا يبدو من المهم التذكير دائماً، بأهمية الكتاب في عالمنا، ولاسيما في الأسرة، التي تعد الخلية الأولى الأكثر أهمية في أي مجتمع كان .
ازدهار علي