على طــــــــريق إعــــادة الإعمـــــار «11» إعمار الطرق والجسور تحدٍ لن تـــــكون مواجهته إلا بأيــــادٍ سـورية «1من 2»

العدد: 9354

الأحد-26-5-2019

 

 

 

 

استهـــــدفها الإرهـــــــــاب لقطــــــع التواصــــــل ما بين السـّــــــــــوريين ولعزلهــــــــــم عن جـــــــوارهم

 

تعد الطرق والجسور من أهم البنى التي تسعى الدول للاهتمام بها، وتطوير ذلك بالنظر لما تمثله من أهمية اقتصادية واجتماعية واستراتيجية كبرى، وهي التي تعد بمثابة الشرايين التي تمر بها مختلف الأنشطة والفعاليات التي تدعم الاقتصاد الوطني، وتسهم في تحقيق التنمية، وزيادة معدلات النمو، حيث لا تقتصر أهمية هذا القطاع على صعيد نقل الركاب والبضائع بين كافة المدن والبلدان، بل إنها تسهم في دفع حركة الاقتصاد، وتقديم الخدمات لقطاع الإنتاج والخدمات الأخرى، وتسهيل عمل مشاريع الاستثمار، وتوفير المزيد من فرص العمل، وهو الأمر الذي دفع بالدول كافة لإقامة الطرق الحديثة وصيانة الطرق القديمة، وذلك من أجل خدمة التجمعات السكانية ومواقع النشاط الاقتصادي والزراعي، مع الأخذ بعين الاعتبار لحجم الحركة المرورية وزيادة معدلات كفاءتها.
كما ولابد من الإشارة ونحن نتحدث عن هذا القطاع الهام إلى أهميته على صعيد ربط البلد مع الدول المجاورة، بما لذلك من منعكسات إيجابية على حركة السياحة والاقتصاد وزيادة التبادل التجاري بين البلدان.

عقدة طرق عالمية
وبالانتقال من العام في هذا الموضوع إلى الخاص، ونقصد هنا واقع الطرق والجسور في سورية، فإننا نشير إلى أن الموقع الجيوسياسي الذي تقع فيه سورية جعلها عقدة مواصلات هامة عبر التاريخ، فمنذ الألف الثالث قبل الميلاد ربطت سورية ما بين بلاد الرافدين وبلاد النيل، ومنذ الألف الأول قبل الميلاد أيضاً كانت سورية صلة الوصل بين عالم البحر الأبيض المتوسط والشرق الأقصى، وذلك من خلال موقعها الاستراتيجي الذي تلتقي فيه قارات العالم الثلاث (آسيا، أوروبا، أفريقيا) وأيضاً من خلال كونها ملتقى للطرق العالمية ومنها طريق الحرير القادم من أقاصي الصين إلى البحر المتوسط.
وفيما عكفت سورية وعلى مدى العقود الماضية إلى إقامة شبكات الطرق والجسور التي تساعد على تحقيق الاستثمار الأمثل لهذا الموقع الجغرافي الهام وهو ما أفرز شبكة طرقية هامة ربطت بين مختلف محافظات القطر العربي السوري وبين القطر والدول المجاورة وساهمت في تحقيق دفع قوي لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية على امتداد خارطة الوطن.
استهداف مباشر
ومع بداية الأزمة التي نعيش ربع ساعتها الأخير بفضل تضحيات أبطالنا في الجيش العربي السوري فإن الإرهاب وداعميه استهدف هذا القطاع بشكل مباشر حيث كانت الطرق والجسور في مقدمة الأهداف التي استهدفها الإرهابيون في محاولتهم لقطع شرايين الحياة بين السوريين ولقطع تواصل سورية مع الدول المجاورة وذلك ضمن إطار سعيهم لحصار الشعب السوري وتجويعه ولإحداث شلل وتعطيل لكافة القطاعات الوطنية الأخرى وهو ما ترك آثاره على المواطن السوري وعلى القطاعات الحيوية المختلفة حيث وصلت قيمة الأضرار التي لحقت بشبكة طرقنا إلى مئات المليارات من الليرات السورية.
وفيما تستمر معارك تحرير التراب الوطني من براثن الإرهاب وداعميه فإن مسيرة إعادة تأهيل وصيانة الطرق والجسور سارت بالتوازي مع مسيرة التحرير لمختلف المناطق وهو الأمر الذي تجلى بصيانة أغلب الطرق والجسور التي تعرضت للتدمير والتخريب بفعل الإرهاب في المناطق المحررة وإعادتها للعمل.
تطوير الطرق القائمة
ولم يقتصر جهد الحكومة السورية على صيانة وتأهيل الطرق التي تعرضت للتدمير بل أنه سار أيضاً باتجاه تطوير الشبكة الطرقية القائمة لزيادة فعاليتها ورفع سوية عملها حيث لمسنا في هذا الاتجاه تنفيذ العديد من المشاريع الطرقية الهامة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر إنجاز تحويلة الحفة في محافظة اللاذقية وعقدة الشبطلية والمتحلق الشرقي وجسر مسكينة في جبلة وتزويد الطرق الرئيسية بتجهيزات السلامة المرورية وغيرها من المشاريع الهامة التي أضيفت إلى ما أسلفنا إلى قائمة مشاريع صيانة الطرق الأخرى والتي شملت ضمن ثناياها طريق مطار دمشق الدولي ومدخل دمشق الشمالي وأوتوستراد دمشق حمص وغير ذلك من المشاريع الطرقية الهامة الهادفة إلى دفع الدماء الجديدة في شرايين الطرق السورية هذا السعي الذي تواكبه المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية وباقي المؤسسات المعنية بالطرق والجسور بجملة من الإجراءات الهادفة إلى الاستفادة من الموقع الجغرافي لسورية وتطوير شبكة الطرق فيها وذلك من خلال جملة من المشاريع الهادفة إلى الحفاظ على شبكة الطرق وصيانتها وإعادة تأهيل المتضرر منها في المواقع التي يحررها الجيش العربي السوري والمساهمة في عودة الأهالي إلى هذه المناطق من خلال توفير خدمات الطرق إليها إضافة لدراسة العديد من المشاريع الاستراتيجية الهامة الجديدة ومنها طريق شمال جنوب الهادف إلى ربط البوابة الشمالية لسورية مع بوابتها الجنوبية وأيضاً طريق شرق غرب الهادف إلى ربط الشرق السوري بغربه وتنشيط التبادل التجاري وحركة عبور الترانزيت على الصعيدين المحلي والدولي والإقليمي وربط الموانئ البحرية بالموانئ الجافة حيث يصل طول المحور الأول شمال جنوب إلى 432 كم وطول المحور الثاني إلى 351 كم، كما ويتضمن سعي الحكومة عملاً لتطوير شبكة الطرق الحالية ولإنجاز شبكة طرق سريعة بمواصفات دولية وآمنة تتضمن إنشاء طرق جديدة وإقامة لعقد طرقية على الأوتوسترادات وطرقاً خدمية وجسوراً لجوار الأوتوسترادات ووصل كافة المناطق بالشبكة الطرقية العالية بما يساهم في تنمية هذه المناطق وتقليل الحوادث فيها.
تحديات واستحقاقات
وإذا كان حجم العمل الذي يتطلبه تنفيذ هذه المشاريع كبيراً فإن توفير التمويل له والجهات التي ستقوم بتنفيذه يعتبر التحدي الذي يجب مواجهته خلال المرحلة القادمة وهنا يبرز السؤال هل الجهات العاملة في المجال الطرقي تنفيذاً وصيانة وإشرافاً وتمويلاً قادرة على القيام بمهام إعادة الإعمار والتطوير أم أن اللجوء إلى مساعدة الدول الأخرى وبالطبع الدول التي وقفت إلى جانبنا في حربنا العادلة سيكون خياراً آخر وإذا كانت التوجيهات مختلفة في هذا الموضوع فإن الاتفاق بين الجميع يؤكد على ضرورة أن توكل أعباء هذه المهمة أولاً على السوريين الذين يملكون من الإرادة والخبرة ما يؤهلهم للقيام بهذه المهمة وسنحاول في ملفنا هذا أن نبرز لواقع الطرق والجسور في محافظتي طرطوس واللاذقية والمشاريع التي تنفذ لتطوير هذه الشبكة بمختلف أنواعها المركزية والخدمية والزراعية منها إلى جانب عرض المصاعب والمعوقات التي تعترض عمل الجهات العاملة فيها /طرق وجسور ومواصلات طرقية وخدمات فنية/ بغية تقديم رؤى ومقترحات لإزالة هذه العقبات وبالتالي لضمان سير أمثل لإعادة وتأهيل الطرق والجسور في طرطوس واللاذقية و تنفيذ مجموعة المشاريع التي تسهم في الارتقاء بمستوى الشبكة الطرقية فيهما إلى المستوى المطلوب.

نعمان أصلان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار