العدد: 9352
22-5-2019
تبقى شماعة العرض والطلب منقذ الإجابات لكافة الشخصيات المعنية بموضوع المزارع والأسعار التي ترافق زراعته (خضار، فواكه..) ولكن للأسف هذه المعادلة (العرض والطلب) تبقى دائماً لصالح التاجر على حساب المزارع، إلى متى سيبقى المزارع يخرج من هذه المعادلة صفر اليدين ويبقى القائمون على العمل الزراعي وحُماةَّ حماه بعيدون كل البعد عن همومه الحقيقية ونتساءل في بعض الأحيان لماذا نزح الفلاح عن أرضه؟ لماذا مساحاتنا الزراعية الواسعة في الساحل السوري تتناقص؟
فهل هجر المزارع الأرض بسبب الغبن الواقع عليه حيث تجده يرافق زراعته من البذرة إلى مرحلة القطاف ومحصوله وإنتاجه على الله ويقدمه على طبق من فضة لتجار السوق الذين يعتبرون الرابح الوحيد والأكبر في هذه المعادلة (تاجر الجملة وتاجر المفرّق).
تساؤلات وتساؤلات عديدة يطرحها أيّ مواطن وكان لابد من لقاء الأطراف المرتبطة بهذا الموضوع مزارع، اتحاد فلاحين، سوق الهال..
قمنا بجولات ميدانية في بعض المناطق الزراعية وكانت وقفتنا الأولى في منطقة صنوبر جبلة.
أسعار الأدوية حرقنا بناره
المزارع مهند .ع، يقول: في موسم العنب يأخذ منّا الكيلو بـ100 ليرة يصل لسوق الهال بـ 200 ليرة وفجأة يصبح بـ 300 وما فوق هكذا وبطرفة عين ونحن الذين زرعنا ودارينا الموسم برمش العين نحصل على 100 ليرة، فحجة العرض والطلب هي كذبة يرددها المسؤول دائماً للابتعاد عن الحقيقة بأن هناك حيتان في السوق تأكل تعبنا (البيضة والتقشيرة) ونحن لا ينوبنا إلا الفتات، فهل يعلم اتحاد فلاحينا أو القائمون على الزراعة أنّ لتر الدواء الحشري يتجاوز عشرة آلاف ليرة حسب النوع وأدوية الأعشاب تتراوح بين 3000-7000 ليرة للتر الواحد، فأسعار الأدوية كاوية وأيّ محصول خضار أو فواكه يحتاج خمس رشات قبل الإنتاج للحصول على إنتاج جيد.
المزارع علي .م، يقول: العام الماضي إنتاجي من الفول خرجت منه صفر اليدين وبخسارة، فبعد الزراعة والرش والسقاية والقطاف أبيعه بـ 50 ليرة للكيلو فلو بقي سماد أرضي كان أو فر، لماذا يحصد غيري تعبي؟ من يحمينا نحن المزارعون من جشع وطمع ذاك الوسيط الذي يتحجج اليوم بالنقل وأسعار المحروقات.
المزارع فايز .أ، يقول: لقد أوقفت الإنتاج في أرضي واكتفيت بزراعتها للاكتفاء الذاتي فقط دون بيعها في سوق الهال.. فأنا أرفض أن أبيع إنتاجي لغيري بأبخس الأثمان ويبيعه غيري بربح وفير فالجميع يعلم أين الحلقة الرابحة من الخاسرة ومع ذلك من تحرك على أرض الواقع لأجلنا، لا أحد فقط الشعارات نسمعها ويرددها المعنيون على آذاننا.
صاحب الأرض المزارع سليمان . م، يقول: حراثة الأرض أصبحت مكلفة جداً ولابد منها ومياه الري في منطقتنا شحيحة جداً والأيدي العاملة مرتفعة مما دفعني إلى العمل بنفسي رغم قساوة العمل، فالملّاكة باتت تبيع أراضيها وتتجه نحو العقارات فهي أربح وأسهل مقارنة بالزراعة، أما في منطقة السرسكية قابلنا بعض المزارعين الذين ينتجون مادة البطاطا المزارع محمد، يقول: مساحة أرضي حوالي 2,5 دونم كلفة الحراثة حوالي 80000 ليرة والسماد 20000 ليرة وأجور نقل 20000 ليرة وإذا احتاجت رش مبيدات حشرية تكلف 20000 ليرة وإذا وضعنا عمال يومية العامل 1500 ليرة مما دفعني الاستغناء عن العمال وإلاّ إنتاجي سيكون خاسراّ بامتياز وتعتبر زراعة البطاطا أفضل من أيّ زراعة أخرى مقارنة مع الخضراوات, فالبطاطا انباعت من أرضها 110 ليرات وبسوق الهال 165 ليرة ووصلت للسوق بـ 300 – 350 ليرة يعني فرق زيادة 135 ليرة للوسيط والتاجر وبالتالي نصف التعب الذي بذلناه أخذه غيرنا بدم بارد .
المزارع شاهين. ويقول: عند تنزيل الإنتاج إلى سوق الهال تصطدم بالواقع عندما يقول لك التاجر هذا سعري عجبك أهلاً وسهلاً ما عجبك الله معك، ومن الممكن أن يقال هناك كمية لم تباع فلا تباع زراعتك.
اتحاد الفلاحين: المزارع ليس مغبوناً
أكد رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية حكمت صقر أن هناك مشاكل قد تعترض عمل المزارع (الفلاح) ولكن لا يمكن أن يكون مغبوناً فاتحاد الفلاحين يقدم للمزارع مستلزمات الإنتاج باستثناء المحروقات ويسعى لتذليل كافة العقبات التي تعترضه من خلال التواصل مع الجهات المعنية لتخفيف مشاكله ما أمكن ولكن هناك مواسم تخضع للعرض والطلب يتعرض فيها الفلاح لبعض الظلم.
وأضاف صقر: تمّ توزيع 5600 طلب زراعي على جميع مناطق المحافظة ويعمل الاتحاد عن طريق المصرف الزراعي توزيع الأسمدة بالعدل على جميع المزارعين المسجلين فهناك لجنة المادة 17 والمؤلفة من رئيس الجمعية ومحاسب ومشرف تقوم بالتوقيع على استلام مادة السماد من المصرف وتوزّع بشكل أصولي في القرية التابعة للجمعية ونقوم بدورنا بجولات على كل جمعية ومتابعة وضع التوزيع حيث يوجد جداول اسمية لكل جمعية فيها اسم كل مزارع مستفيد وتوقيعه بالاستلام والكمية التي حصل عليها ولم يحدث أي حالة تلاعب أو خلل، وتابع صقر أن منطقة الدالية لم تحصل على السماد هذا العام فتم منحهم سماد على حساب المحافظة عن طريق المصرف الزراعي في الدالية وذلك دعماً للمزارع في تلك المنطقة.
وحول التعويضات أكد رئيس الاتحاد أنه تم رفع احصائيات بالأضرار الواقعة نتيجة العواصف والظروف الجوية إلى صندوق الكوارث عن طريق وزارة الزراعة ونحن بانتظار الرد.
بائع المفرق مستفيد
من جانبه رئيس لجنة تسير سوق الهال غسان الخير أوضح أن المزارع يأخذ حقه وكذلك التاجر في سوق الهال ولكن المستفيد الأول والأخير في هذه المعادلة هو بائع المفرّق، وأن فكرة المزارع مغبون هي فكرة خاطئة فالبضاعة في السوق هي عرض وطلب وأسعار هذا العام مميزة فعندما تتوفر المادة بكثرة في السوق ينخفض سعرها وعندما تقل في السوق يرتفع سعرها فالكلفة لمواسم شتوية تختلف عن الكلفة في المواسم الصيفية فمادة البطاطا في سوق الهال 125 – 150 ليرة وصلت لبائع المفرق 200- 250 ليرة وبالتالي الحلقة المفقودة عند بائع المفرق وكل جهة لديها همومها ومشاكلها في التسويق.
دور السورية للتجارة
أكد مدير السورية للتجارة سامي هليل أن السورية للتجارة ستتدخل إيجابياً لصالح أيّ مادة (خضار) ينخفض سعرها عن خط التكلفة وتقوم بشراء المادة مباشرة من المزارع لقطع حلقات الوساطة ولكن الأسعار حتى الآن مقبولة.
كلمة أخيرة
البعض يقول: لو أنّ هذا المزارع يتعرض للخسارة لما تابع زراعته، وهنا أقول بعد لقاء عدد من المزارعين: لا أحد يقول أنه يتعرض للخسارة، بل يتعرض للظلم أو الغبن فهو ينتظر هذا الموسم من عام لآخر ليعيش عليه فلا مصلحة ولا وظيفة تنتظره، هنا نتكلم عن مزارع تعبه حصد نصفه طرف آخر ولم يتعرف على الإنتاج ولا مشاكله بل وجدها أمامه من دون أدنى معاناة وفي النهاية الخاسر الوحيد هو المواطن (المستهلك) الذي يدفع فاتورة كل ما سبق للمزارع وتاجر سوق الهال وتاجر المفرّق فهناك العديد من المواد والمقالات التي كتبت في جريدتنا بيّنت معاناة المواطن من غلاء الأسعار. علّ وعسى يخرج بعض مسؤولينا من باب الشعارات ويدخلون إلى هموم المزارع الحقيقية.
تغريد زيود