من حكايا الزلزال الحزينة

الوحدة:26-6-2023

ذات فجر مضى ليس بالبعيد كان يعادل العمر بطوله وعتمته وقساوته على عائلة السيد علي أحمد صقر، حيث تروي زوجته السيدة سحب ديب بحزن كبير قصتها، وبدأت بجملة (ينذكر وماينعاد) وكيف أنه بلمح البصر  فقدت كل ماهو جميل في حياتها…غادرها نصف عائلتها إلى العالم الآخر، خسرت زوجها وابنها وابنتها وكل مابنته في حياتها في غفلة من العمر، تتذكر السيدة سحب

– وهي أم لثلاثة شبان وصبية واحدة، اثنان منهما خارج المحافظة في أعمالهم – بحزن وقهر اللحظات الأولى من الزلزال حين  كان زوجها  يصلي صلاة الفجر وكيف اهتز البناء بكامله، وكيف أمسك بيدها ابنها النقيب عامر الذي كان يقضي إجازته في زيارتهم  محاولاً إنزالهم إلى الشارع، ولكن بلمح البصر وقبل أن ينهي كلمته اختفى من أمامها وتحول كل شيء إلى ركام، وكيف نادت بقوتها عامر وعبير وأبو عامر إلى أن فقدت الوعي، وحين استفاقت لم تدرك كم من الوقت مر عليها، حاولت أن تحرك يديها ولكن عبثاً، ظنت للوهلة الأولى أنها تحمل جبالاً فوق ظهرها ولم تكن ترى غير الظلام، ولكنها كانت تسمع أنين ابنتها عبير إلى جوارها من دون أن تراها أو تستطيع أن تفعل لها شيئاً، بعد فترة بدأت تسمع نداء ابنها طالب في الخارج الذي غادر دوامه في حمص وتوجه مسرعاً للاطمئنان  عليهم وصراخه بحثاً عن أهله تحت ركام بنايتهم في قبو العوامية، فاستجمعت قواها وصرخت بكل ماتستطيع من قوة لتدل ابنها على مكانها، وعندما عثروا عليها بعد وقت طويل ومحاولات كثيرة  كانت قد أمضت تحت الأنقاض ٤٨ ساعة، سألته عن إخوته فأجابها ليطمئنها ويهدئ من روعها أنه كلمهم وسيتم إخراجهم فوراً، وفي الحقيقة كانوا قد أخرجوا ابنها عامر قبلها، حيث بقي وقتاً قليلاً على قيد الحياة ومن ثم توفي، ومن ثم اخرجوا ابنتها عبير  متوفية أيضاً، وفي البداية أخرجوا زوجها وكان أيضاً مفارقاً الحياة، حيث تم دفنهم سوية ومن يومها وإلى الآن والسيدة سحب تعاني الويلات من أوجاع الروح والجسد، فقد أجرت عملية لثلاث فقرات في ظهرها، إضافة إلى كسور متعددة في  يديها ورجلها مع جروح في الرأس والفك وكافة أنحاء الجسد.

وتختم كلامها: لا أعرف كيف ماتوا جميعاً؟ ولماذا بقيت أنا على قيد الحياة؟ مؤكدة أنه قد يشفى الجسد من أوجاعه ولكن من يشفي الروح  وينسيها هول ما عانته وفقدته من أحبة القلب والروح؟

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار