الوحدة 15-4-2023
قبل أيام طالعتنا صفحة مديرية تربية طرطوس بخبر تكريم مدير التربية لموهبة طفولية متميزة بعمر السبع سنوات، استطاعت تجاوز حدود التعلم بالنسبة لعمرها وصفها، ولفتت نظر معلمتها ورفاقها في المدرسة، من خلال تفوقها وقدرتها على حفظ وإلقاء أصعب القصائد، إنها لين شادي سليمان من تلاميذ الصف الأول بمدرسة كفر جوايا ريف طرطوس، والتي لم تمنعها صعوبة اللغة العربية الفصحى والشعر الجاهلي، من حفظ قصائد لكبار شعراء الأدب العربي من بينهم امرؤ القيس (معلقة امرؤ القيس) والأصمعي (صوت صفير البلبل)، والفرزدق والمتنبي وحبيب بن أوس الطائي المكنى بأبي تمام، ونزار قباني (أنا الدمشقي)، وعمر الفرا (الوطن) وغيرها من القصائد المهداة إلى المعلم والأم والمدرسة والطفولة ، كل ذلك كان بتشجيع من والديها شادي سليمان وفداء محمد ومعلمة صفها عبير عثمان الذين لمسوا موهبة الصغيرة وتميزها الفطري المدهش.
وعن خصوصية الطفلة لين يحدثنا والدها السيد شادي الذي يعمل في مجال بيع إكسسوارات الموبايلات قائلاً: لين طفلة مدهشة ورقيقة منذ ولادتها، كنا نرعاها ونشهد تطورها الذي كان يدهشنا مقارنة بإخوتها وأقرانها، في البداية كانت تتابع برامج الأطفال باللغة الفصحى، وعند انتهاء البرنامج كانت تعيد ترديد كل ما سمعته بسهولة، وبعمر الخمس سنوات كانت ابنة الجيران تحاول حفظ قصيدة مدرسية من عشرة أبيات فوجئنا بها تحفظها بعد سماعها لمرتين، وجاءت للمنزل تخبرني أنها تمكنت من حفظ القصيدة، ومن وقتها وأنا ألقي عليها أبيات الشعر التي أحب وتتجاوب معي بحفظها وترديدها بسلاسة، وكنت أمازحها وأقول لها إذا حفظت ألف بيت ستصبحين شاعرة، وهكذا بدأت الحكاية، وعن وضعها الصحي الخاص يشرح السيد شادي أنهم اكتشفوا إصابتها بمرض التهاب الكبد المناعي الذاتي بعمر سنتين، ومنذ ذلك الوقت بدأت معركتنا ومعركتها مع هذا المرض مجهول السبب عبر الأدوية والعلاجات الوريدية والاضطرار كل فترة لدخول المشفى، وكل هذا لم يمنع لين الجميلة من أن تواصل نضالها ومحبتها للتقدم وإبهارنا في كل مرحلة، وكلنا أمل بأن تتعافى وترتاح كأي طفل بعمرها، وعن إخوتها يضيف شادي للين شقيقة بالبكالوريا، وأخ بالصف الثامن، وأنا ووالدتهم نقدم كل ما نملك لينجح أطفالنا ويعيشوا بأفضل جو ورعاية.
وعن الجو الأدبي المميز في العائلة يقول الوالد نحن عائلة تحب الأدب والشعر عموماً نُكنّى ببيت الصارمي، منها الأستاذ يوسف الصارمي الذي كان صاحب مجلة مواهب بالأرجنتين والكاتب حامد سليمان الذي كان يكتب بزاوية حط بالخرج قديماً في صحيفة الوحدة رحمهما الله، وقريبنا في القرية الأستاذ خضر عمران أديب مميز أيضاً.
أما معلمة الصف عبير عثمان فتخبرنا أن لين من أفضل الطالبات في المدرسة ممتازة بكل المواد، وحين اكتشفت مقدرتها المميزة على الحفظ صارت تصور مقاطع لها وتنشرها على صفحتها الشخصية، وهكذا حتى وصلنا لمرحلة التكريم لهذه الطفلة المبدعة من الأستاذ علي شحود مدير تربية طرطوس والذي شكر الوالدين على الاهتمام والرعاية المنزلية المميزة على الرغم من الظروف الصحية التي تمر بها الطفلة، كما تم تقديم هدية رمزية لها عبارة عن حقيبة مدرسية مجهزة بمستلزمات القراءة والكتابة كاملة لتشجيعها على التعلم والتفوق، كما وجهت التربية إلى المدرسة ليتم متابعتها وتحضيرها للمشاركة بالأنشطة التربوية والأدبية في السنوات القادمة.
رنا الحمدان