العدد: 9344
الأحد 12-5-2019
الطفولة هذه الكلمة تفتح بروجاً من الأمل والسعادة، ويسعى الإنسان جاهداً في حياته ليهبه الله هذه النعمة التي لا تضاهيها كنوز الأرض، وإن لم ينعم بها تصبح لذات الحياة بنظره كتلة من الركام, فلماذا بعضنا عندما يمتلكها لا يقدرها ولا يجيد تقييمها لأي سبب كان لأن مبرره يكون إثماً أكبر من الدافع.وعمالة الأطفال أبعد ما تكون عن تقدير ثمن هذه الهبة الإلهية ولا تمت للإنسانية بصله, فكيف لنا أن نحطم هذا الطفل جسدياً ونفسياً من أجل القيام بأعمال لا يستطيع تحملها.
لماذا نؤسس داخله ما يسمى عقدة النقص تجاه الآخرين فهل يعقل أن يترك هذا الطفل دراسته وفترة تفتح إدراكه ومفاهيمه بالحياة ونقول إنه غير نافع للدراسة وهو فاشل لكن في الواقع إن الله خلق لجميع الأطفال عقولاً ونحن من يستطيع تنميتها ولكن عندما نزجه بعالم القسوة والعمل اللذين ليسا من مقدرته في تلك الفترة سيؤثر هذا سلباً على مسيرة حياته بكل مجالاتها, ألم نسأل أنفسنا كيف سيكون مستقبله وأسلوبه الاجتماعي فيما بعد, ربما الإجابة واضحة في عيون تلك الأطفال التي حورها الحزن والشقاء واللامبالاة بأنفسهم, كالأطفال الذين يضعون ميزان لقياس الوزن وسط الرصيف وعندما يسمعون باقتراب إحدى دوريات الشرطة يفرون وكأنهم مجرمون تتلبسهم الجريمة العمياء ومنهم من يعمل بحمل أشياء ثقيلة فكيف يستطيع هذا الجسد الضعيف تحمل هذه الأعمال الشاقة فما أكبر هذا الإثم الذي نقترفه بحقهم, لكن أكثر المشاهد التي تترك أثراً أن نرى طفلاً يُضرب بوحشية من قبل صاحب العمل لأن ما يطلب منه فوق قدرة استيعابه التي ما تزال في طور النمو فنشعر حقاً أن زمن العبودية لم ينتهِ وهذه المناظر تخلق الاستبداد وتحرق القيم الإنسانية، وعندما يدرك الإنسان أنه غير قادر على تحمل مسؤولية هذا الطفل لماذا ينجبه؟ هل من أجل دفنه حياً في شقاء الحياة أو من أجل زرع بذور التعلم بداخله وتهذيب الأخلاق لينتج منه رجلاً عظيماً, وأخطاؤنا يجب أن لا نحملها ولا نكدسها على ظهور أبنائنا وخصوصاً في مرحلة الطفولة.
وليس من الخطأ أن نظهر للطفل نوعاً ما أن الحياة تحتاج لعزيمة قوية لكن ضمن حدود المنطق الإنساني وليس بخلق قلق من الحياة وصعوبتها وتعليمه المعاناة من أجل أن يحيا قوياً في مجتمعه, فعمالة الأطفال تؤثر بشكل خاص على الطفل وبشكل مجمل على مجتمعه, لنقدم له المحبة والرعاية الوافية ليقدم لنا العناية عندما نكبر.
فداء محمود محمود