الوحدة: ١-٢-٢٠٢٣
ندوة حوارية أقامها المركز الثقافي العربي بطرطوس ومديرية الأوقاف بالتعاون مع نقابة المحامين بعنوان
” العنف الأسري”، حاضر فيها الشيخ المهندس عبد الله السيد والأستاذة المحامية مها علي والقاضي أحمد ديب.
افتتح الحوار مدير الأوقاف الشيخ عبد الله السيد بوصفه للعنف الأسري بأنه ذاك العدو الخفي الذي يحاول أينما حل أن يكون عامل هدم لا بناء.
كان السعي دائماً حول قضية المحافظة على الأسرة، والتركيز عليها اليوم أكثر من أي وقت مضى لكونها أهم وآخر معقل يمكن الدفاع عنه والمحافظة عليه، بالرغم مما تواجهه الأسرة السورية اليوم في ظل الحرب ولازالت، وبالرغم من أن دول الغرب والشرق سبقتنا تقنياً وحداثياً وعلمياً وتكنولوجياً، إلا أننا نبقى المجتمع الذي يعتز بكينونة الأسرة اجتماعياً وأخلاقياً، ويحافظ على القيم الأسرية من هجمات العولمة بكافة أبعادها الخطيرة، والتي يصدرها الغرب لنا اليوم وتتعرض لها الأسرة السورية من قبل تيارين خطيرين :
التيار الأول: والذي يبرر ويشرعن العنف الأسري تحت عناوين مختلفة بحجة العادات والتقاليد، أو ربما يستند لتقديرات مغلوطة للدين.
التيار الآخر هو الذي يريد لمجتمعاتنا وأسرنا أن تكون مثل النموذج الغربي تماماً، حيث النظام الرأسمالي الليبرالي الذي يجعل كل شيء يدور حول تحقيق متع الإنسان ورغباته، وتوفير الحالة المادية بوفرة له.
وهنا لا نستطيع إنكار تقدم الغرب في الكثير من جوانب الحياة ولكن يبقى الجانب الأهم وهو الاجتماعي في تدهور وتراجع كبيرين.. فلا الأسرة ولا الزواج ولا العلاقات والروابط الأخوية بأفضل حال، فنجد طغيان العلاقات غير الشرعية تحت مسميات عدة منها المساكنة وصولاً إلى ما يريدون فرضه على العالم بالإكراه من تشريع ما يتعلق بالشواذ “المثليين”، كل هذا بهدف تدمير الأسرة، ويقدم لمجتمعاتنا من خلال شعارات براقة كعناوين “حقوق الإنسان
“وأجندات منظمات دولية تخترق المجتمع من خلال هكذا طروحات، وهنا تكمن خطورة هذا التيار.
اليوم وبسبب تلك الأفكار والتوجهات وقلة الأخلاق تحول المجتمع الغربي إلى مجتمع كهل ” ويريدون استقطاب لاجئين من كل أصقاع الأرض للحفاظ على بنية مجتمعاتهم ، فقد أشارت آخر الإحصائيات في الغرب -وعن لسانهم – بأن نسبة المواليد غير الشرعية تجاوز 60 %… فهل نريد نحن هذا النموذج ؟!! بالتأكيد لا .. بل نريد المحافظة على قيم أسرنا الأخلاقية والمجتمعية وطرح كل ما يخصها ضمن مؤسساتنا وهيئاتنا ونقاباتنا.. لا نستورد النموذج الغربي لتطبيقه لدينا.
المشكلة هنا تكمن في معالجة القضايا المصيرية مع غير المتخصصين، وبروز ثقافة التواصل الاجتماعي والتي أعطت منبراً لأي أحد من غير العارفين بأن يدلي بفكره السطحي، ومن خلال هذا المنبر الوصول لعقول الآلاف فتؤثر سلباً في حل المشكلة الأساسية.
وأضاف السيد بأن العنف الأسري بالدرجة الأولى يكون عادة تجاه المرأة والآخر تجاه الأبناء، واليوم في سورية قطعنا أشواطاً كثيرة، فالأسر التي تتعرض للعنف والتعنيف في تراجع كبير والأمران مرفوضان شرعاً وقانوناً، والجانب الديني أعطى المرأة وأنصف حقها شرعاً من خلال ما ذكر في الكتاب المقدس”، والدين الإسلامي دين اللاعنف والمحبة ولنا قدوة في الرسول محمد عليه الصلاة والسلام فقد عانى لثلاث عشرة سنة في مكة، وتعرض لكل أشكال القهر والتعذيب والتهجير”، ولم يشتم أحداً قط، أو يرفع السيف إلا في المعارك وحالة الدفاع عن النفس وهو القائل :
” ما وضع الرفق في شيء إلا وزانه، وما نزع من شيء إلا شانه .. إن الله يحب الرفق في الأمر كله …” ومن يرجع إلى النصوص سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية، وإلى سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام يرى المكان الذي يدخل منه المتطرفون في التفسيرات المتشددة للدين هو الخلط بين العادة وبين الشرع كتحريم المرأة من التعلم مستخدمين الدين حجة لتبرير عادات مغلوطة ” وتبرير العنف اتجاهها بكل أشكاله.
من الناحية القانونية تحدثت المحامية مها علي والقاضي أحمد ديب عن مشاركة المرأة السورية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتحظى بحقوقها من خلال تواجدها في مؤسسات الدولة بشكل فعال وفاعل وأما ما يقع على المرأة اليوم من ظلم فهو من قبل الظروف الاجتماعية الصعبة المعاشة، وأما بالنسبة للقوانين التي ترعى وتراعي حقوق المرأة فقد صدرت قوانين ومراسيم في الفترة الأخيرة تساعد في كبح ظاهرة العنف والتعنيف ضدها وضد الأبناء، وتطرقا للإجراءات الوقائية في الحد من هذه الظاهرة : كتفعيل دور وسائل الإعلام يشرح من خلالها خطر ظاهرة العنف الأسري، تفعيل دور الإرشاد النفسي في المدارس، عقد الندوات والمحاضرات التشاركية بين مؤسسات الدولة، تفعيل الرقابة الأبوية على الأبناء بشكل دائم واللجوء إلى جهة مختصة للعلاج النفسي ” ..
راية الدفاع عن أهم مرتكز في الحياة السورية وهي الأسرة سيبقى المسعى الرئيس والأهم لكل من يريد بناء العقول النيرة، وتعزيز قوة ضاربة بوجه كل هجمات الخارج الهدامة.
نعمى كلتوم
تصفح المزيد..