الوحدة: 20- 12- 2022
– 1 –
هذه هي أمريكا، في أية لحظة يمكن أن تلقي بك من العربة
ريجيس دوبريه
لا تراهن على الريح.. لا تتوهم أنها صديقتك الذئاب، ليس من طبعها الرفق بالغزلان.. قبل المحطة الأخيرة في أية محطة، عندما لن يكون لك من نفع، فسوف ترميك كخرقة بالية، رثة، لا قيمة لها.. إنها أمريكا، وإن كنت تظن غير ذلك فلست سوى مغفل وبليد وتابع.
– 2 –
على حدود الرجاء تشبثت بالتراب الذي سقطت من أجله مضرجاً بدمك.. عندما شاهدتك ممدداً فوق تخوم الوطن، قالت: هذا هو القمر..
وعندما شاهدتك تنهض كطائر وتحلق في السماء ابتسمت وقالت: يليق بك أن تكون نسراً في السماء..
وعندما أفلت الشمس اقتربت من حدود الليل أكدت أن نظرها لا يخيب: رأيته كوكباً يتهادى في بحر السماء وعندما عادت إلى البيت ورأت أخوتك مكبين على كتابة وظائفهم، علقتك قنديلاً لتضيء عتمة الليل كي يواصلوا مذاكرة دروسهم.
وعندما فاض الوجد استيقظت وراحت تتفقد سريرك.. حضورك يؤنس وحشتها دائماً بعد أن يطفئ القمر نوره ويبتعد.
– 3 –
تداعت حجارة الشكوى وانكسرت عكازة الحنين، صاروا أبعد من قصيدة.. تنسم رائحة أهله الراحلين… لم تعد الريح تهب على أغصان الصنوبر.
– 4 –
يا هذه الغربة: خذي هذه السلال المعبأة بعناقيد الخوف..
يا هذه الوحشة: كلما تغلغلت بين أغصان أرواحنا الغضة يستيقظ الحزن بين حنايا صدورنا…
رقصة البراري الوحشية
عنوان قصة للأديب الكبير حيدر حيدر
يا هذا الحزن: أرواحنا غزلان هامت في براري الغربة وما من أحد هناك من الرعاة كي يرد لنا غزلانها الشاردة.
-5 –
خوفاً عليه من البرد.. أنزلت صورته التي علقت على باب دارهم يوم زفوه شهيداً.. خوفاً عليه من البرد.. أنزلت صورته ومددتها على فراشه
وعندما استيقظ أهل القرية لم يشاهدوا الصورة التي كانت معلقة على باب دارهم في البداية ظنوا أن رياح الليل أوقعتها.. سألوا أخاه الصغير: أين هي الصورة؟
فأجابهم: أنزلتها أمي قبل أن يشتد البرد ووضعتها على فراشه خوفاً عليه من البرد.
– 6 –
يجب ألا يموت الأطفال، هذا العالم ُيعتقد فيه بقاعدة، إما أن تأكل وإما أن يأكلوك وعلاوة على ذلك يقولون لك: افترس أو يُفترس بك
أنطونيو باييخو
أول ما تطال مخالب الحروب أعناق الأطفال.. آخر ما يبقى في ميادين الحروب، رماد عيونهم..
صار العالم مذئبة وغابة وحوش.. ذئاب.. نمور وضباع تتسابق لتغرز أنيابها في صدور بعضها البعض.. إنها رقصة البراري الوحشية يا صديقي حيدر حيدر.
بديع صقور