الأدوية البيطرية.. فائض يُصدّر والمستورد أعلى فعالية

الوحدة – سنان سوادي
تصوير- نادر منى

يشكّل الطب البيطري رافداً أساسياً في دعم وتأمين الأمن الغذائي، وتعزيز قطاع الثروة الحيوانية، واستدامة إنتاجه، وحماية الإنسان من الأمراض الوبائية المشتركة بينه وبين الحيوان والتي تزيد عن /200/ مرض.
فماذا عن واقع الأدوية البيطرية، وجودتها؟ وماهو رأي المربين وأصحاب الاختصاص؟ هذه الأسئلة وغيرها نحاول الإجابة عنها في هذا التحقيق.
تنظيم سوق الأدوية
مربي الأبقار رامي عليا أوضح لـ”الوحدة” أن الأدوية البيطرية متوفرة بشكل عام، لكن هناك أدوية مفقودة ليس لها بدائل، والمستوردة منها أكثر فعالية من المحلي، وتكلفة الرعاية الطبية للقطيع مابين 20-30% من تكلفة الإنتاج، وأجرة الطبيب تتضمن المعاينة وتكلفة الموصلات، وبسبب سوء الأعلاف تنتشر أمراض مثل الإسهالات والنفاخ والتهابات الضرع، وهذا يتطلب تدخلاً طبياً مستمراً، ونستخدم أحياناً الأدوية البشرية في الحالات الإسعافية، أو في حال عدم توفر الدواء، وفي حال حدوث جائحة تقوم الوحدات الإرشادية بحملات علاج مجانية، وطالب عليا بتنظيم سوق الأدوية البيطرية بشكل يضمن الجودة العالية والتكلفة المناسبة، وتحسين جودة المحلي، ووضع لوائح أسعار تحمي المربين من الاستغلال.
أسعار مقبولة
بدوره، مربي الدواجن علي شيخ سعد أشار إلى توفر الأدوية البيطرية، والمستورد أكثر فعالية، موضحاً أن تكلفة الرعاية الطبية لخمسة آلاف طير تصل إلى التسعة ملايين ليرة، وذلك خلال دورة حياته في المدجنة التي تمتد مابين 35 ـ 45 يوماً، وهو مايعادل 7ـ 8% من تكلفة الإنتاج، وفي حال حدوث مرض تصل نسبة الرعاية الطبية إلى 15%.
ويتم استدعاء الطبيب أربع أو خمس مرات شهرياً في الحالات الطبيعية، وأجرة الطبيب البيطري مناسبة.
بين الرقابة والتداول
من جهته، أكد الطبيب البيطري وليد جندي أن الأدوية البيطرية تلبي الاحتياجات بكميات فائضة، حيث يبلغ عدد المعامل أكثر من خمسين معملاً، ويتم تصدير الفائض منها إلى بعض الدول المجاورة، مشيراً إلى أن صناعة الأدوية تعتمد على القوانين والأنظمة الناظمة، وذلك بالتعاون مابين نقابة الأطباء البيطريين ووزارة الزراعة مثل قانون مزاولة المهنة، والقانون رقم /18/ والقرارات /203/ و/88/، وتتم عملية التصنيع تحت إشراف مختصين، وتخضع الأدوية للرقابة الدوائية من خلال لجان مشكلة لهذه الغاية، وإجراء الكشوف اللازمة سواء المصنّعة بالمعامل أو المستوردة حسب القرار /203/ الناظم لها.
ولتحسين واقع الأدوية البيطرية أوضح د.جندي: “يجب تطبيق الأنظمة والقوانين في تداول الأدوية من المعمل إلى المستودع، وتشديد الرقابة لمنع دخول الأدوية المهربة، واعتماد الوصفات الطبية البيطرية المتعمدة لمنع الاستخدام العشوائي للأدوية، وضبط سعر الصرف، وعدم استخدام المضادات الحيوية إلا من قبل الأطباء البيطريين وذلك نظراً لخطورتها”.
جودة الأدوية
بدوره، بيّن الطبيب البيطري أنور عروس أن المشكلة تكمن في  تفاوت فعالية الأدوية البيطرية، وأحياناً يستبدل ملصق الصلاحية على الدواء من قبل ضعاف النفوس، وبعض الأدوية تتسبب في آثار جانبية خطيرة مثل الطفح الجلدي والتحسس لدى الحيوانات، مشدداً على أهمية الرقابة من خلال فحص العينات بشكل دوري، ومكافحة التهريب، ونشر ثقافة استشارة الأطباء البيطريين قبل إعطاء الدواء، تجنباً للاستخدام غير المناسب للأدوية، وتفعيل العقوبات على الصيدليات التي تبيع الأدوية البيطرية دون وصفة طبيّة.
تقلبات السعر
وفي نفس السياق، أكد الطبيب البيطري ياسر سعد، الذي يملك صيدلية بيطرية أن واقع الأدوية البيطرية مستقر بشكل عام، وتتأثر الأدوية بتقلبات العملة، وتكاليف الشحن، والجمركة، وهو ما يؤدي إلى نقص متقطع في بعض الأصناف، وخاصة الموسمية مثل اللقاحات، موضحاً أن أكثر الأدوية طلباً هي المضادات الحيوية واسعة الطيف، ومضادات الطفيليات، بالإضافة إلى لقاحات الدواجن ومحاليل التعويض والسوائل الوريدية، وهذه الأدوية تستخدم بشكل رئيسي للوقاية والعلاج من الأمراض الشائعة في الحيوانات، مما يرفع الطلب عليها بشكل مستمر، وشهدت الأسعار في الفترة الأخيرة زيادات ملحوظة، كونها ترتبط بتقلب سعر الصرف وارتفاع تكاليف الشحن والرسوم الجمركية، بالإضافة إلى تقلبات توفر المخزون، فالأدوية المستوردة أغلى من المحلية.
وبيّن د.سعد أن الرقابة تحتاج إلى تعزيز، خصوصاً فيما يتعلق بفحوص الجودة وتتبع سلسلة التوريد، وفي حال اكتشاف أي دواء مغشوش أو منتهي الصلاحية، يتم سحبه من السوق فوراً، وتوثيق الحالة، وإبلاغ الجهات الرقابية، مع الالتزام بإتلاف المواد وفقاً للضوابط القانونية، لافتاً إلى أن العديد من المربين يعتمدون في اختياراتهم الدوائية على خبرتهم الشخصية أو توصيات من زملائهم، دون الرجوع إلى الطبيب البيطري، هذا الاستخدام العشوائي للأدوية يمكن أن يؤدي إلى مقاومة للمضادات الحيوية، مشيراً إلى وجود صعوبات تواجه الصيادلة في تزويد الأطباء البيطريين والمربين تتمثل في تأخر وصول الشحنات، وتقلبات الأسعار، بالإضافة إلى نقص المعلومات حول البدائل المتاحة لبعض الأدوية.
وقدم د.سعد مقترحات لتحسين واقع الأدوية البيطرية منها تحسين عقود الإمداد مع الشركات الموردة، توفير مخزون استراتيجي للمنتجات الحساسة مثل اللقاحات، وإنشاء نظام إلكتروني لتتبع المخزون سيحسن الكفاءة ويقلل من النقص في الأدوية، وتعزيز فحوص الجودة للمنتجات الدوائية، خاصة المستوردة، وأن تكون هناك رقابة صارمة على الاستيراد، إلى جانب تطبيق أنظمة رقمية لتتبع الأدوية من المصنع إلى المستهلك.
لا غش بالأدوية
نقيب الأطباء البيطريين باللاذقية الدكتور علي حسينو أكد أنه لم يتم ضبط حالات غش في الأدوية، ولم تقدم أيّة شكوى من قبل طبيب أو مربي بهذا الخصوص، والأدوية متوفرة في كافة المناطق والقرى بالمحافظة، موضحاً أنه تم تشكيل ضابطة عدلية في مديريات الزراعة بالمحافظات تضم أطباء بيطريين مهمتها القيام بجولات ميدانية على الصيدليات والعيادات للتأكد من سلامة الدواء، وشكّلت لجنة خاصة بكل نقابة مهمتها ضبط أعمال الأطباء في العيادات والكشف على الأدوية الموجودة لديهم.
ولفت د.حسينو إلى أن اللقاحات الخاصة بالتحصينات الوقائية لقطعان الثروة الحيوانية، والذي كانت تؤمنه الدولة بشكل مجاني، غير متوفر حالياً بالكميات المطلوبة، مطالباً الدولة بتأمينه، مضيفاً إلى انه يعمل 80% من الأطباء في قطاع الأبقار والدواجن والأغنام، و20% في مجال الأدوية والحيوانات الأليفة، ويبلغ عدد العيادات/23/، والصيدليات /19/، بالإضافة لمستودعين للأدوية البيطرية”، منوهاً إلى وجود تعاون مع منظمات دولية لتوزيع الدواء بشكل مجاني في بعض المناطق مثل منظمة “الفاو” التي تؤمن لقاح الحمى القلاعية للمربين.
أرقام وإحصاءات
وبيّن د. حسينو أن المحافظة تضم نحو 30 ألف رأس من الأبقار، و85 ألف رأس من الأغنام (عدا الوافدة خلال سنوات الجفاف)، و105 آلاف طير دجاج محلي، كما يوجد 218 مبقرة مرّخصة بطاقة إجمالية تبلغ 10,817 رأساً و156 مبقرة غير مرخصة بطاقة إجمالية تبلغ 4000 رأس، و197 مدجنة فروج مرخصة بطاقة 1,290,500طير، مقابل 112 مدجنة فروج غير مرخصة بطاقة 440,800 طير، إضافة إلى سبعة مداجن بياض مرّخصة بطاقة 68,460 طيراً، وسبعة مداجن دجاج بيّاض غير مرّخصة بطاقة 37,150 طيراً.
أخيراً: هذه الأرقام تثبت أهمية قطاع الثروة الحيوانية، كموّلد للاقتصاد الأسري، وداعم للاقتصاد الوطني، خاصة في مرحلة التعافي الاقتصادي الذي تمر به سوريا، لذلك يجب تحسين جودة الأدوية البيطرية لتنافس المستورد، وتدعم الدخل الوطني من خلال تصدير الفائض.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار