الوحدة – معينة أحمد جرعة
لقاؤنا مع الباحث غسان عبد الله ليحدثنا عن سورية وعظمتها ويقول: إننا نمتلك دعوة مستمدة من الأصالة والتاريخ، كون أمتنا وحضارتنا أمة علم وفن وأدب وإبداع، وإنها الحضارة الأولى في التاريخ وتمتد إلى ٦٠ ألف عام قبل الميلاد، لذلك فواقع الحياة يجبرنا على ربط جميع شؤون الحياة بالإنسان، وتحرر الإنسان من النظريات والأفكار التقليدية، وبإعطائه مدلوله كشأن اجتماعي يعنى بسمو الإنسان ورقيه.
فمن الضروري أن يعمل الجميع للقضاء على جميع العوائق التي تفسد العقائد الدينية، ونقف في العالم شعباً واحداً، لا اختلاطات وتكتلات متنافرة النفسيات، فلا يمكن لأي شعب من الشعوب أن يتقدم ويتطور دون مشاركة فئاته وطوائفه في الحياة الواحدة، والنظام والحقوق والواجبات الواحدة، دون ترك أي شعور بالفوارق بين أبناء المجتمع وطوائفه، وحتى لا يكون هناك حالة من الإحساس بالتفوق والسيطرة لدى طائفة من الطوائف وحالة من الإحساس بالدونية والضعف لدى الآخر؛ مما يستحيل معه تجسيد حالة وحدة الروح ووحدة الحياة.
وأضاف الباحث: في مشروع الكلمة وصول إلى محاكمات علمية وفكرية لإيجاد قاسم بين الناس، ونشر التآخي والمحبة والسلام بين مكونات الشعب السوري، ليعم النور المعرفي كل الزوايا المظلمة، ونقضي على الفوضى والبلبلة الفكرية والعقائدية والإضطراب الفكري والتفسخ الروحي، ونعيد قنوات الاتصال التي انقطعت بين أفراد الأمة، والعمل على تمتين الروابط الأخوية والاجتماعية بين السوريين، وإزالة الفوارق بين الطوائف والأعراق، وتفعيل إنسانية الإنسان، وإزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب، والمساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، وصون حرية الرأي والمعتقد والإيمان والعادات والتقاليد، ووضع مصلحة الوطن فوق أيّة مصلحة فردية أو فئوية، وترسيخ ثقافة الأنا الجامعة والأخوة في المدارس والإعلام والوظيفة، وتعزيز دور المرأة ومكانتها الاجتماعية وتحصينها من الفساد الاجتماعي والأخلاقي، ومشاركتها بشكل فاعل في بناء الوطن، والعمل على استقطاب الشباب والنهوض بهم وتحسين دورهم وفاعليتهم في المجتمع.
كما أكد الباحث على أن الإنجازات الثقافية والعلمية والفكرية هي في المحصلة نتيجة لجهود الإنسانية كلها عبر تاريخها الطويل، ولكن هذه الإنجازات تم تجريدها من القيم الإنسانية النبيلة، فأصبحت في حد ذاتها تشكل أكبر تهديد للحضارة البشرية، وأن القوة المادية البحتة أخذت تتجسد في حركتها على أرض الواقع العالمي، وقد أحال التعصب بين البشر الإنسانية إلى سراديب ومتاهات مظلمة تخبئ في منعطفاتها المصطنعة أخطاراً حقيقية تهدد الوجود الإنساني كله بشراً وحضارة.
هذا الواقع الذي تبدّى اليوم على هذا النحو لم يبرز فجأة، ولم يكن ظهوره محض صدفة طارئة، وإنما هو محصلة لكثير من العوامل التاريخية الطويلة الفكرية والثقافية والتربوية و.. التي فعلت فعلها أخيراً وأدت إلى هذه النتيجة، فيجب علينا تقديم كل ما نملك من فكر وعلوم وثقافة، والسعي إلى تحقيق مبادئ الخير والحق والجمال ليتواءم علمنا مع عملنا ونخلق واقعاً نهضوياً يشمل المجتمع كله، وتأسيس مجتمع جلّ همه وطنه.
ولنتمكن من العمل المنتج يجب أن نفهم هدفنا لنكون قوة فاعلة ومؤثرة في الحياة، ونتعاون جميعنا لنؤسس لحياة جديدة أفضل.
وأشار الباحث إلى أن الشعوب تنهض بقوة رجالها وعقول علمائها وقادتها الشرفاء الذين يعبّدون طريق الإيمان والثقة وصدق العزيمة، فأي بلد في العالم يقوم وينهض بسواعد شبابه وعبقرية علمائه وإخلاص شرفائه، وتفاني قادته.
واختتم بقوله : كفانا أيها الأخوة في سورية الحبيبة ألماً وخوفاً وقتلاً ودماً ولتتشابك الأيدي في كل الجغرافية السورية لنبني بلدنا من جديد وتعود سوريا النور سوريا الحضارة، ومركز الكون، لنكن جميعنا في خدمة سورية، ولنعطيها كل ما نملك من وقت وجهد وفكر وعزيمة، وننجح في تحويل الألم العام إلى دعوة راقية نحو المشاركة والتآخي وصيانة الوطن ووحدة ترابه، ونشجّع على التفكير في مسؤولية الفرد تجاه محيطه ومجتمعه ونحمل رسالة شكر مستحقة لكل من يسعى إلى رأب الصدع وحماية القيم الأصيلة، وننسى جراحنا وآلامنا، لنبدأ من جديد، ونعمر من جديد، ونصنع معاً سوريا جديدة مليئة بالحب والخير والجمال.