الوحدة: 26-10-2022
تقول سيدة في الستين من العمر إنها كانت أميّة، لا تعرف القراءة، ولا الكتابة، وأنها كانت حين تضطر لركوب سيرفيس تسأل السائق بعد أن تشير إليه ليقف عند الوجهة التي تريدها، فيصرخ متأففاً غاضباً لأنه ليس على الخط الذي تريده، ويقول لها مستغرباً : مكتوب على السيرفيس لماذا توقفيني !! لذلك قررت أن تتعلم في هذا السن الذي يعتبره مجتمعنا نهاية بالنسبة لعجوز.
السيدة ريم محمود رئيسة دائرة تعليم الكبار، والتنمية الثقافية بطرطوس قالت:
إن هذه السيدة لجأت إليهم، وحكت قصتها بألم، وتعلمت القراءة والكتابة عبر دورة تعليمية لمدة ستة أشهر، ثم خضعت في نهايتها لامتحان، ونجحت بتفوق وهي اليوم تحمل الشهادة الابتدائية. السيدة ” حنة ” وهذا اسمها، بدأت حياة جديدة – كما تقول – فهي تعرف اتجاهات السرافيس دون الحاجة لمساعد، أو متأفف غاضب يصرخ بها، وأنها بدأت تقرأ وتعرف عناوين ولوحات الباعة والأطباء وكل لافتة تمر بها .
هي حياة بل ولادة جديدة، و” حنة ” المثال لعمل هذه الدائرة في طرطوس. في اللقاء مع السيدة ريم محمود تحدثت عن عملها مع حالات عديدة جميلة، ومبشرة، وعن عمل دائرة تعليم الكبار التي تتبع لوزارة الثقافة – مديرية تعليم الكبار، وحيث يرأس محافظ طرطوس اللجنة الفرعية فيها.
عن عمل الدائرة تحدثت بإسهاب:
حيث تقوم بتقديم الخدمات المتعددة في هذا المجال تبدأ بافتتاح دورات تعليم أبجدية وعلى ثلاثة مستويات، ووفق منهاج خاص :
المستوى الأول مدته ستة أشهر ينتهي باختبار للملتحقين بالدورة، يليه المستوى الثاني، و يتبع الراغبون لدورة تمكين لمدة ثلاثة أشهر يتبعها اختبار أيضاً، وتنتهي بالاختبار الثالث الذي يعادل شهادة نهاية تعليم الصف السادس حيث يستطيع الناجح، وحسب رغبته – التقدم فوراً لنيل الشهادة الإعدادية.
حيث تفتح الأبواب أمام من استطاع تجاوز أميته، إذ يوجد عدة خيارات لمن يرغب ويحب:
أولاً : دورات حاسوب، وقد بدأت منذ إطلاق إعلان : طرطوس محافظة خالية من الأمية وذلك عام 2010.
ثانياً : شهادة مبتدئ، حيث يتدرّب الدارسون في قاعات المدارس ولمدة شهر كامل فقط.
ثالثاً : دورات تنموية بدأت العام الفائت 2021، وهي تعنى بالذين تحرروا من الأمية، يتّبعون دورة تنموية في المجال الذي يرغبون به، إذ يوجد عدة مجالات وهي محاولة لإيجاد فرص عمل لهم :
دورة مونة – دورة زراعة فطر – زعفران – دورة تصنيع منظفات – دورة خياطة – دورة إسعاف وتمريض، وآخرها دورة تنموية في الدعم النفسي.
وقد أكدت السيدة ريم الانتهاء هذا العام وحتى نهاية الشهر التاسع المنصرم من مجموعة دورات في الأبجدية، سبع دورات لكل من المستويين الأول و الثاني، وتسع دورات رقمية في الحاسوب، و26 دورة تنموية في المهن الزراعية، وتصنيع المنظفات، وذلك حسب رغبات المتقدمين، ومعظمهم من النساء.
وقد عقدت الوزارة اتفاقيات تعاون مع كل من وزارة الداخلية – سجون، ووزارات الصناعة، والزراعة، والتربية للعمل في قاعات الدراسة والحاسوب في دوائر عمل كل منهم، وفي كافة المناطق بالمحافظة.
وحيث يتبع للدائرة عدة فروع في كل من بانياس وصافيتا والدريكيش والشيخ بدر والقدموس. وأكدت أن آخر دورة لتعليم الكبار في المدينة كانت لمجموعة من مواليد 2001 وحتى 2007، وأنه يوجد من يرغب ويلتحق بهذه الدورات من مواليد 1982 وأن الكثير من المتقدمين اليوم هم من الوافدين من مختلف المحافظات السورية بسبب الحرب ومن الجمعيات الأهلية، والمجتمع المحلي.
حيث يخضع الراغبون أولاً لاختبار وتحديد لمستوى التعليم لديهم عبر امتحان – سبر معلومات – بسيط ثم يحدد امتحان في إمكانية إجادة القراءة والكتابة.
ليأخذ الراغب تصريحاً أنه – يجيد – أو – لا يجيد القراءة والكتابة..
وهو تصريح يحتاجون إليه لحياتهم الخاصة أو في خدمة العلم.
تقول السيدة ريم وباختصار :
عملنا ( إداري، إحصائي، تنظيم دورات، توزيع شهادات على الناجحين، والتنسيق مع الجمعيات في المحافظة)، وقد أكدت شكرها للدوائر التي تتعاون مع المكتب لإنجاز و إنجاح هذا العمل الإنساني الهام.
سعاد سليمان