الوحدة : 17-10-2022
مازال الناس وخاصة في البيئة الريفية يزاولون عملية تجفيف التين على أسطح منازلهم حتى أضحى هذا الأمر جزءاً من تراث الأجداد الذي نعتز به على الدوام، وقد رصد الكاتب عيسى أبو علوش عملية تجفيف التين وتبخيره وذلك في كتابه: ” من عبق التراث في جبال الساحل السوري” حيث قدم شرحاً عن الأدوات المستخدمة التراثية وأوضح أنها تتم كما يلي: كانوا يحضرون المستلزمات قبل بداية نضوج ثمار التين فيأتون بأغصان الشنبوط من الغابات ويجمعونها مكدسة فوق بعضها ويضعون فوقها الأثقال كالأخشاب الكبيرة والحجارة كي تتيبس أوراقها فلا تعود إلى عشوائيتها عندما كانت خضراء طرية، وعند تبشير التين يبدؤون بحواشه فيأكلون منه ما يأكلون والفائض يسطحونه، بمعنى أنهم يفتحون ثمار التين ويعرضون جوف الثمرة الداخلي لأشعة الشمس، وعندما يجمهر التين أي تكثر فيه الثمار الناضجة كان أفراد الأسرة يوزعون العمل فيما بينهم، فالرجال يقومون بحواشه والنساء يحملنه وينقلنه إلى أسطحة البيوت فيفرغن الثمار على السطح ويعدن بالقفر الفارغة إلى الكروم مرة أخرى وهكذا تكرر العملية حتى ينتهي الحواش ثم يعود الجميع فيتعاونون على سطح ما أحضروه …
وعن تبخير التين أضاف المؤلف: بعد جمع التين المجفف كله يعمدون إلى تهبيله لأنه يكون قد تيبس ولا يصلح للأكل فيضعون الدست فوق الثفية وفيه الماء إلى ما فوق منتصفه، ثم يشعلون نار الحطب تحته، وعندما يبدأ بالغليان ينطلق منه البخار القوي فيأتون بالقفير المليء بالتين اليابس إلى أعلاه ويغطون التين بقطعة قماشية نظيفة ثم يضعون القفير داخل الدست بحيث لا يصل أسفله إلى الماء، ويسعرون النار تحت الدست فيتسلل البخار داخل ثمار التين القاسية المتيبسة فيطريها ويلينها ، كما أن عملية التبخير تقتل الدود الصغير في التين وبيوضه إن وجدت ثم يفرغون التين فوق قماش نظيف حتى يبرد قليلاً فيضعونه في أوعية مثل التنك أو الصناديق ويكبسونه جيداً فيتماسك مع بعضه بسبب ليونته وحلاوته لدرجة أنه عندما يبرد لا يمكن إخراجه إلا تقطيعاً بالسكاكين والأدوات الحادة وتبقى هذه الاوعية مغلقة إلى حين الطلب ويكررون عملية ” التهبيل” هذه حتى تنتهي الكمية.
ندى كمال سلوم