حكايات قروية في كروم جوفين الجميلة المنتشرة كالحلم على هضاب وأودية

جريدة الوحدة: 16-10-2022

هناك في تلك الجبال العالية في ريف جبلة قصص وحكايات لعائلات يقضون نهارهم يعملون، ويمضون ليلهم يسهرون ويضحكون ثم ينامون ويحلمون، يبذرون الحبوب، ويحلمون بغلال البيادر، يقلمون كرومهم ويحلمون بالعناقيد الشهية والزبيب، يتطلعون إلى الغيمة، ويحلمون بالمطر السكيب يروي زروعهم، ويملأ ضروعهم.


عن تلك الحكايات يحدثنا الباحث نبيل عجمية عن أم هاشم والتي تمثل كل النساء القرويات في ريفنا الغالي فيقول: أم هاشم ترياق وقريتها جوفين بيت ياشوط، تلك المرأة الفاضلة التي قضت عمرها في الكد والتعب لتربية عائلتها الكبيرة كانت مثالاً للمرأة الريفية التي تعمل في الحقول والكرومِ والاهتمام بالمواشي وتربية العائلة، كانت تحلب البقرات وتطعم الأغنام والماعز وتربي الدجاج وكل ما من شأنه أن يكون مصدراً مهماً لإطعام عائلتها الكبيرة ولا ننسى أيام الحصيدة الحارقة وكذلك مواسم تربية دودة القز والذي كانت تعتني بأطباقه المبعثرة هنا وهناك (الجونات) داخل البيت وكانت تجلب له أوراق التوت وتغذيه ليكون موسماً مباركاً فيه الرضى والبحبوحة.
كانت أياماً جميلة وحياة ريفية هادئة رغم الفقر الذي يحيا فيها الناس على مواسم الضيعة وما تنتجه الأرض مع قناعة بما هو موجود وما هو متوفرٌ من إنتاجِ الأشجار والكروم.
من منا لا يذكر كروم جوفين الجميلة المنتشرة كالحلم على هضاب وتلال وأودية تمتد إلى قرية عين سلم وعين قطعة وعين الشرقية وإلى الشقاليف وجوب ياشوط وعين تينة الغربية وحتى قرية الفتيح ذات التربة البيضاء وغيرها وفيها التين والعنب والرمان وأنواع كثيرة من أشجار الفاكهة والغالبية الساحقة من مساحتها الزراعية تحتلها شجرة الزيتون المقدسة التي تشتهر فيها المنطقة منذ زمنٍ بعيد وتشتهر بزيتها الأسود لذيذ الطعم والرائحة ( زيت الخريج ).
لم تكن أم هاشم رحمها الله تعلم أن وفاتها ستجعل من قريتها الصغيرة محط أنظار الناس وهدفاً للوصول إليها من كل حدب وصوب وتتحول وفاتها الى كرنفال وطني يضم كل أطياف السوريين ترتل فيه آيات من القرآن الكريم وعظات من الإنجيل المقدس وكلمات تعبر عن مدى حب السوريين لوطنهم على اختلاف مشاربهم.. ولكنها كانت تعلم أن تربيتها الفاضلة لأبنائها وقد أحسنت تعليمهم وتأديبهم ستكون سبباً لسعادتها وفرحتها قبل الرحيل وبعد الرحيل .


رحلت أم هاشم ولسان حالها يقول : الدنيا قوسان ( )….الأول بدايتك…والثاني نهايتك…فضع بينهما شيئاً نافعاً يتذكرك الناس به…. وهو ماعملت له طيلة سنوات عمرها والبالغة/92/ عاماً، وتركت أبناء بررة تتحدث الناس عن أخلاقهم وقيمهم ومحبتهم لكل الناس.

نسيم صبح

تصفح المزيد..
آخر الأخبار