الوحدة :19-9-2022
(النقد الأدبي بين التنظير والتطبيق) عنوان الندوة السنوية لجمعية النقد الأدبي التي أقامها فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية في صالة الأنشطة، والتي قدمت الكثير من الزاد الأدبي القيّم والمنوّع الذي ساهم في بلورة المعرفة الثقافية لهذا النوع من الأدب، وذلك عبر مشاركة مجموعة من الأدباء المتمرسين استطاعوا أن يقدموا الفائدة والمتعة الأدبية بآن واحد، والتي تواشجت مع أذهان الحضور الحريص على نهل الأدب والثقافة، وقد أدار الندوة الدكتور (بسام جاموس) أمين سر فرع الاتحاد. والبداية مع… الدكتور (عاطف البطرس) الذي أشار إلى أن كل تطور في العملية التاريخية (اقتصادي، اجتماعي، معرفي) يترك أثره بهذا الشكل أو ذاك على العملية الإبداعية، لا على أساس قانون الانعكاس الآلي (المرآني)، وإنما على مبدأ التماثل والعلاقات المفتوحة بين البنى الكبرى والبنى الصغرى، وهناك جماليات تتشكل وفق معطيات التطور والتقدم والإنجازات العلمية والفنية ( ثقافة الصورة – السينما – الفنون التشكيلية) حوارية المعارف وتأثيرات العلوم المختلفة / قوانين الفيزياء والرياضيات – علوم الفضاء – البيولوجيا والأنثروبولوجيا وغيرها… ) ساهمت في عبور الحدود بين العلوم وبالتالي بين الأجناس، فأصبح الحديث يجري في الأدب لا عن العناصر المكونة للنوع، وإنما عن أدبية النص دون الخوض في غمار التجنيس، أما العناصر المكونة لنص ما محكومة بتحول دائم بفعل جدلية العلاقة بين النصوص، مع الميل العام للابتعاد عن حكم القيمة النوعية، كذلك تميل النصوص الأدبية الحديثة إلى الانفتاح، وإلى المعايرة واختراق المألوف وتخطي ثبات الأشكال، ومغادرة مفهوم النوع الأدبي الصارم نحو التعدد والتداخل… وكل هذه المعلومات جاءت من خلال مشاركة د. عاطف البطرس التي حملت عنوان: (المعايير النقدية بين الثبات والتحول). أما الأستاذة رجاء شاهين، فقد كانت مداخلتها بعنوان (النقد والنقد الأدبي) والتي استهلتها بقولها: لا شك بأننا ومنذ أكثر من نصف قرن ونحن نتعرض لمصطلحات وآليات يجري تداولها بخفة لا تحتمل،وغالباً ما تكون غير واضحة المعالم أو مكتملة المعنى، وأبرز مثال على ذلك تعبير (الحداثة). فنحن نظرنا إلى تراثنا نظرة تقديس ووقفنا عندها دون أن تذكر عن نقلة تطورية تستدعي اكتشاف ما لدينا من جواهر، وبقينا نرتع في كسلنا الثقافي والفكري لأنه لا يمكن الإبداع ولا التجديد الفكري من خارج ثقافة الأمة. وقالت: دعونا نحافظ على القيمة دون أن نضع معايير محددة للنقد الأدبي الحديث، دعونا نطور النقد في داخل الأدب العربي حتى لا يتشابه أو يتطابق مع التيارات الغربية، وحتى لا تضيع قيمة الأعمال النقدية الجادة التي تتعامل مع النصوص بأمانة نقدية. لماذا لا نسميه حاضر الكتابة النقدية، أو حداثة الخطاب النقدي أو حركية الأدائية النقدية. الدكتورة لميس داود أوضحت في مشاركتها بعنوان ” القيم الجمالية عند الفلاسفة والنقاد العرب القدماء” : أن الجمال يمر بثلاث مراحل مهمة : مادية: ألوان، أصوات، حركات… تتطابق مع حالة الشعور أو الإحساس أي الشعور بالجمال والاستمتاع به، ومن ثم تقدير الجمال وتذوقه، وهناك عوامل مرتبطة بحالة الفرد النفسية وعوامل أخرى محيطة به ( مجتمع، عصر، معتقد) ثم استعرضت القيم الجمالية عند مجموعة من الفلاسفة والنقاد والشعراء، فالمتنبي لا يرضيه الجمال الشكلي وحده وإنما جوهر الجمال هو الجمال الباطن أو جمال النفس أو الروح أو الفعل، وربط بين الجمال والجلال، كما ربط في ديوانه مظاهر مختلفة لجمال الكائنات في الكون، أما د. سعد الدين كليب فيرى أن الفكر الجمالي العربي الإسلامي يحدد مفهوم الجليل من خلال الصفات الذاتية للشيء، ومن خلال علاقة تلك الصفات بالإنسان وفي مؤلفات الفارابي مؤلفات مرادفة لمفهوم الجميل كالبهاء والزينة وغيرهما، أما بول فاليري فعرف علم الجمال بأنه علم الحساسية والموقف الاستطيقي هو انتباه وتأمل متعاطف ومنزه عن الغرض. الأستاذ: نذير جعفر ختم الندوة بمشاركته التي حملت عنوان ” الرواية الجديدة والنقد” بقوله: النقد الروائي العربي عامة ما زال يحاكي المناهج والنظريات النقدية الغربية من واقعية وبنيوية وتفكيكية، وهو لم يتجاوز بعد مرحلة النقل إلى مرحلة المثاقفة والحوار، ويبرز في حركة نقد الرواية اتجاهان: تنظيري وينصب اهتمامه على تجنيس مفهوم الرواية وبيان عناصرها من زمان ومكان وشخصيات وأحداث ورواة، والثاني تطبيقي يدرس مضامينها واتجاهاتها وتقنياتها الفنية، أما الحركة النقدية فتبدو غائبة وغير فاعلة، ولا تستطيع مواكبة النتاج الروائي الضخم، وفيما يتعلق بالرواية الجديدة أشار أ. نذير إلى أن الملحمة /حسب باختين/ ترتبط بالأرستقراطية وتبني عالمها في مناخ أسطوري قديم مكتمل بعيد عن الزمن المعاش، فيما ترتبط الرواية بسواد الشعب، وتنطلق من الزمن الحاضر المشاكس والمجدد والمجرب دائماً، فالملحمة نص ماضوي ثابت، مغلق، والرواية نص مستقبلي مفتوح متحرك.
رفيدة يونس أحمد