الوحدة 17-9-2022
هل تعلم أن التدخين وأنت تقود سيارة أجرة، أوخدمة مخالفة ؟
وأن قيمة هذه المخالفة 25 ألف ليرة سورية؟.
لا تعلم، بدليل أن معظم سائقي السيارات العاملة على مختلف الخطوط يحملون سيجارة، يشعلونها، وينفخون في جو السيارة – السيرفيس، أو التاكسي بكل ما أوتوا من قوة.
غير مكترثين بمن يسعل، أو من يتنفس بصعوبة في هذا الجو الحارق، والزحمة الضاغطة،حيث يحمل السائق ضعف حمولته من البشر الراضين المقتنعين لضرورة العيش !!
ضعف الحمولة لا يراها شرطي المرور، لكن السيجارة التي تضيء في وجه السائق تشير أنها هنا.
كيف عرفت ؟؟!
بينما كنت استخدم هذه الآلة العظيمة، كان السائق يتوقف كل عشرة أمتار ربما ,أو أكثر قليلاً، وسط شارع الثورة بطرطوس، المزدحم ليلاً ونهاراً.
يقف حين يصرخ له راكب : ع راحتك، أو ع مهلك.
وإذا لم يصرخ راكب من داخل السيرفيس, يرفع (واقف) على يمين الطريق يده طالباً الصعود ..
وبين صعود، ونزول لا بد أن تتعلم دروساً في الصبر،أو تلعن الساعة التي احتجت بها لهذه الآلة، وهذا الزمن الصعب ..
عند دوار الساعة .. يقف السائق دون دعوة للوقوف، أو طلب بإشارة من عابر ..
ينزل مسرعاً بينما موتور سيارته يعمل , ويركض باتجاه الشرطي.
تاركاً كومة أوراق من ال200 ل.س فوق تابلو السيارة أجور ركاب اليوم على ما أعتقد، وكان منتصف النهار.
وفوق الكومة موبايله الذي يبدو من النوع الفاخر، وحسب منظره،
يغيب السائق لدقائق، ويعود ،وهو يحمل ورقة.
أسأله متعجبة : ما الأمر ؟ وأنا الجالسة في المقدمة.
يجيب متعجباً من تدخلي : هذه مخالفة قيمتها 25 ألف ليرة سورية لأنني كنت أدخن في السيرفيس !!
وحتى لا يموت من الجلطة قلت له : يجب أن تكون المخالفة خمسين ألفاً، فأنتم لا تراعون صحة الراكب أو مشاعره!!.
يجيبني، وهو ينظر متعجباً، وحزيناً :
أنا مدخن، ولا أستطيع العيش دون سيجارة !!
أعمل لساعات طوال دون توقف، فالحاجة مرة .. وحاجتي هذه السيجارة.
حين رأيت الحزن في عينيه قلت له ضاحكة : كيف تترك أموالك،حصيلة عملك وفوقها هذا الموبايل الفخم. وتذهب إلى الشرطي هناك؟
ماذا لو حملتهم، ورحلت، أو حملهم غيري ممتناً شاكراً كرمك، وفر هارباً ؟؟
ابتسم الرجل، وهو ينظر في وجهي بلطف لن أنساه فعلامات الطيبة والدهشة والحوار الذي فرضته جعلته يبتسم ..
– من نظرة أعرف الشخص الذي يجلس بجانبي، لن يفعلها، قالها، وهو يقلع من جديد، ويمضي دون سيجارة.
سعاد سليمان