العدد: 9274
الاثنين 2019/1/21
الكاتبة: سعاد سليمان
بالأمس وكما في كل يوم، تلبس المدينة ثوبها الأسود البائس، كل البيوت معتمة, والشوارع, والساحات, والحدائق، لم يكن الوقت متأخراً، لكن برنامج التقنين يقتل الحياة في طرطوس..
أسئلة عديدة لا نجد لها إجابات سوى أنها الحرب، نرمي فشلنا, تقاعسنا, قلة حيلتنا, وجبننا على الحرب ..
في عز البرد تنقطع الكهرباء لساعات طوال في المدينة, أما الريف فالوضع مأساوي، لا يرى سكان الريف الكهرباء، وحين تسقط الأمطار تتحول الشوارع الإسفلتية إلى أنهار، وتتعطل الحياة، فلا سرافيس تعمل, ولا سيارات أجرة، الكل ينتظر انتهاء العاصفة، خوفاً وحرصاً.
في كراج حمص – طرطوس لا وجود لسيارة واحدة – تحمل لوحة طرطوس – تعمل على الخط المرسوم لتقل الركاب, وإن وجدت, حمَلت فوق طاقتها الضعف, وأكثر، بأم العين، يحمل سرفيساً بجانب السائق ثلاثة رجال, وفي الخلف يتكدس الركاب أربعة أربعة, ويدسَ آخر نفسه بين أقدام ركاب الصف الأول ويجلس بشكل معاكس!! وحده.. يقف بعيداً بلباسه العسكري ويحمل بيديه حقيبته وينتظر، يصيح به صاحب سرفيس – يعرفه كما يبدو – أن يأتي وقد خصص له مكاناً وحجزه له .. يرفض حين يرى الفتيات والشباب يتدافعون ليجدوا مقعداً فارغاً، أما أجرة النقل فتصل إلى الألف ليرة للراكب بينما التسعيرة المكتوبة على البلور 385 ل .س، طبعاً يتقاضاها السائق 400 في الحالات العادية, تتضاعف وتصل إلى الألف عند الأزمات، وما أكثر الأزمات، خاصة في ساعات بعد الظهر والمساء، لا أفهم من حدد أجرة الركوب ب385، ومن يعيد ال15, وما قيمتها اليوم؟
معظم ركاب السرافيس هم من رجال الجيش المضطرين للانتقال من وإلى أماكن عملهم, و طلاب طرطوس في جامعة البعث الذين لديهم امتحانات، أما الطالبات اللواتي لا يستطعن الركض, والسباق للوصول إلى مقعد فارغ, ينتظرن لساعات على الأمل..
القدموس، شركة وحيدة تعمل بالنقل بين طرطوس والمحافظات, وأمام ما يجري من تقاعس, واستغلال سيارات الخدمة – السرفيس – يجب إيجاد الحلول السريعة معها أو بإيجاد شركة أخرى كما في الأيام الخوالي..
حين تغيب الأمطار تتكشف الحفر التي تزداد اتساعاً بعد كل هطل جارف, وسط الشوارع ما يزيد حوادث السيارات العابرة، والأعطال، الإسفلت المرقع يزين شوارعنا البائسة وأعطال السيارات تترجم سوء الحال، كما تترجم توقف السيارات عن العمل أثناء الأمطار الغزيرة.
غيض من فيض، نضعه أمام من يعتبر طرطوس مدينة السياحة بينما يعاني المواطن فيها من العيش الكريم، لن نتحدث عن سوء الرغيف وسوء توزيع الغاز والمازوت وعن البطاقة (الذكية) ولا تعنينا قصة المشاريع السياحية المجمدة، لا نريد سياحة، نريد نوراً لنرى ما حولنا, وناراً للقمتنا ولدفء أبداننا، وقليلاً من كرامة تدفعنا إلى الأمام.