العدد: 9329
8-4-2019
حشرجة ، وحجلجة في النطق والبوح بمآزق حرجة مستباحة، لتكون جلجلة في الوسط المحيط بين الأهل والمقربين والجيران تطرق آذان الحيطان، وجرجرة بأصابع الاتهام على أنها الضوء الأخضر للحادث والمصاب و(الراجل ما يعيبو شي).
التحرش.. ليس بظاهرة جديدة، فقد كان فيه الكتمان لأمر معيب ومخجل، والضحية هي الملامة..
ارتفع صوتها عالياً في الباص الذي عجّ بطلاب وموظفين وأناس عاديين، شتائم من الصنف المؤذي للسمع والنفس خلصت بنزوله من الباص دون أن ينطق ببنت شفة مثل ما صدر من الركاب الذين كان موقفهم الحياد، ولم يفعلوا شيئاً سوى النظر والتحديق فيها، وهو ما دفعها طوال الطريق لتنطق وتقول: (العمى بقلبو انحشر فيي قليل الذوق لا بيخجل ولا بيستحي).
إن هاجساً راسخاً لدى الآباء يقلق البال، ويدفعهم لمرافقة أبنائهم إلى المدارس والحدائق والأسواق وخاصة هذه الأيام تخوفاً من ملاحقتهم بالكلام القبيح وحتى (التلطيشات والبسبسات) والمضايقات وغيرها، مما يلاحظونه في الأفلام التي ليس فيها رقابة ولا (استوب) أو تشفير وتغزوها مشاهد ليس فيها خجل أو حياء.
بعد انصرافها من المدرسة تلاحقها وسط جرير الرفاق (يا أرض احفظي ما عليك، يقبروني هالعيون، تمشي ع رمشي..) ولا تعيرها اهتماماً، وقد أوصاها مدرسها الشاب أن تأتي لمنزله بعد استراحة لساعة في البيت، فقد طلبت منه والدتها متابعته لها بالدروس والحفظ والواجبات وبأجر لكل ساعة درس، تذهب الفتاة كما وعدته لكنها أحست بشيء ما يربكها ويدعو للريبة والشك بما يضمر في نفسه، فتستعجل الرحيل بحجة أنها تعبة ولم تعد تستوعب وصعب عليها الفهم، لم تفلح في إقناع والدتها، حجتها في عدم رغبتها الذهاب لبيت المدرس وبعد صد ورد في مسألة الدروس الخصوصية وأنها مجتهدة ولا تحتاجها، إلا أن الوالدة رفضت وترى الجميع من حولها يضعن المدرس الخصوصي لأولادهن المتفوقين، فما كان منها إلا أن تستضيف المعلم في البيت، الذي لم ينته عن إيذائها بنظراته وكلامه كلما سنحت له الفرصة وقد استفحل الأمر ولم تعد تطيق صبراً عليه، فوعدته بأن تبوح بأمره لأمها فما كان منه غير أن يوبخها بالقول: سأقول العكس ولن تصدق والدتك كلمة منك، كما أن جميع رفيقاتك لم يتلفظن حرفاً واحداً وجميعهن في المرتبة الأولى، أما أنت الأخيرة فما بالك، وخرج بكل ثقة بالنفس وكأن شيئاً لم يكن، لكنه بالنسبة لها وإلى اليوم وقد تخرجت من كلية الهندسة ترى جداراً واسعاً أمامها مع الشباب، ولا تعلم متى تزيحه وترتاح منه، خاصة وهي ترى رفيقاتها الأقل جمالاً يعشن بهدوء ولديهن أصدقاء من الشباب، تحاول..
صغيرة لم تتجاوز الست سنوات وابن جيرانهم شاب مراهق، تبعثها أمها لجارتها وقد حملتها صحن حلوى للأولاد ودعوة ترغب بزيارتها على فنجان القهوة، لكن المراهق يفتح لها الباب ويطلب منها الدخول، تدخل ببراءة الطفولة وتجلس على الكنبة، ليعود بعد وقت قصير، دخل فيه إلى المطبخ وعاد ليجلس قربها فتبتعد، ويقترب لينهض بجسدها النحيل ويضعها في حضنه، يحمّر وجهها وتصمت لخوف توجس بها، يبدأ بمداعبتها ويبتسم لها وما إن يسمع خطوات والدته حتى يطرحها أرضاً ويركض لغرفته، وتسمع نداءات والدته أين أنت يا مهند لقد تأخرت عن مدرستك؟ وهي كانت قد ولت خارج المنزل ولم تعد لطرق بابه يوماً وأبداً وكلما كانت تطلب منها والدتها شيئاً من الجيران ترفض وتقول ابعثي بأخي إليهم، وحتى أنها كلما لمحت وجهه من بعيد تركض على درج البناية وتوصد الباب باستعجال، ولم يسمع أحد بما كان وحدث إلى هذا اليوم الذي أصبحت فيه أماً وتخاف أن تترك ابنتها دون مراقبة وسؤال.
شابة قدمت من دمشق للسكن مع والديها، هي بعمر الورود وقد نضجت ملامحها بكل بهاء، لم تستطع أن تحسر منها بل عملت كما كل فتيات جيلها، تبرّج ولباس بماركات وتقليعات أجنبية وموضة وإكسسوارات، تود الذهاب لجامعتها ثم التسوق مع رفيقاتها، لتسمع قرعاً على الباب فإذا هو العم يستأذن منها الدخول مع ابنه الصغير، مما اضطرها أن تستوقف قليلاً معهما، فلا يوجد أحد من والديها وقد حضرا من القرية البعيدة، الصغير انشغل بالتلفاز والألعاب والعم يسأل ويكب بالكلام ما نفع وضر، إلا أنها لاحظت أنه يراقبها ويتفحص كل جزء في جسدها، يخجلها بنظراته التي تلاحقها في كل خطوة وتنهيدة ويرميها بسهام تشل حركتها، ويأمرها بالجلوس والهدوء، فما كان منها إلا أن أذنته بالرحيل، فاليوم لديها جلسة عملي ولا تستطيع التغيب أو التأخر ويكفيها ما فاتها من محاضرات نظرية فجاء كلامه مجرحاً في عتب ولوم وقلة أصل وصل فحيحه لصيوان وطبلة أذن الأب، الذي وقع عليها بالتقريع، وتتالت زياراته التي يفتعلها بحضور العائلة أو لا، وفي كل مرة يزداد قرفها منه ومن نفسها حتى أنها صارت تتحاشى رؤيته والجلوس معه، ولم تقصد داره يوماً أو تتعرف على بناته وزوجته، حتى أنها كرهت رجال الدنيا بسببه، وكلما اقترب منها شاب تطلب منه البعاد، توفي العم بعد سنوات ولم تحضر مراسم دفنه أو تقوم بواجب العزاء لعائلته، وإلى اليوم لم ولن تتزوج.
التحرش غالباً ما يعبّر
عن خلل نفسي
الآنسة عفراء علي، إرشاد نفسي تقول عن التحرش: هو كلام أو فعل غير مرغوب ينتهك خصوصية ومشاعر الشخص يمكن أن تبعث في نفسه الخوف وعدم الأمان والاحترام والإهانة والإساءة، ومن أشكاله: النظرة المحدقة، تعابير وملامح الوجه، النداءات والتعليقات على اللباس والجسد، الملاحقة وتتبع الخطوات والدعوات وحتى الملامسة وكثير حدوثه في الأماكن العامة والمزدحمة والباصات والشوارع والجامعة والأسواق ويمكن أن يصل البيت.
وتشير إلى صفات المتحرش بأنه ممن يبحث عن القوة، وليس لديه قدرة على بناء علاقات صداقة أو حب، يشكو الفراغ العاطفي والفكري، يعاني من عدم الاستقرار المادي والتربية السيئة في عائلته، ولديه مشكلات في التحكم بالذات والاستمتاع بإزعاج الآخرين بسلوكه العنيف، كما ينظر للأمر بأنه رجولة، هذا بالإضافة إلى أن مشاهداته واهتماماته بالنت والأفلام الإباحية التي تتملكها الشخصيات المعادية للمجتمع لها دورها في زيادة نسبة السلوك العنيف لديه من تحرش واعتداء.
التحرش سلوك سيئ ومنحدر وغير مقبول أخلاقياً واجتماعياً، يمكن مواجهته من قبل المجتمع باعتباره ظاهرة فردية وليست مشكلة اجتماعية حقيقية، عدم إطلاق أحكام معممة على الفتاة دون براهين وإلقاء اللوم عليها بحجة اللباس والتبرج، الإبلاغ عن المتحرش بلا خوف من الفضيحة وتقديمه للمحاكمة بلا حجة بداعي الحفاظ على مستقبله، تغيير فكر الابن الأكبر وعدم معاملته على أنه صاحب السلطة على أخته وهو من الواجب عليه أن يحميها ويدعمها.
من المسؤول؟
الشاب وسيم، جامعي أكد بأن الفتاة هي من تستفز هذه الباطنة في نفس الشاب، وليس عيباً أن يبدي الشاب إعجابه بفتاة تمر بجانبه، خاصة وأن أغلب فتياتنا اليوم بل كلهن جميلات، هذا العصر الذي يعج بمسببات الجمال والكمال وهو ما يحقق رغباتهن، حيث أن فتاة اليوم بقصد أو دون قصد لا تنتبه لتصرفاتها: لباسها وطريقة مشيها، نظراتها للآخرين التي يعني تكرارها، انتظارها مبادرة من الطرف الآخر، وأيضاً الجرأة في الكلام والحركات في مكان وزمان غير مناسبين، هذا بالإضافة إلى تبرجها الفاضح وزينتها في المدرسة أو الجامعة أو غيرها من الأماكن المزدحمة وغير المناسبة لمثل هذا التصرف، يمكن لجميع هذه الأمور أن توقعها بفخ التحرش.
مسألة معقّدة
مسألة التحرش مسألة معقدة تتداخل فيها قضايا كثيرة منها (الاجتماعية والنفسية والجنائية وحتى الاقتصادية)..
تركت عملها في المديرية بعد خمس سنوات عمل، تقول: تراءى لي رئيس شعبتي رجلاً محترماً ولطالما تحدث عن الأخلاق، التي ظهرت لديه بعد أشهر من عملي وليس بمخزون سنوات بأنها في الحضيض داخله، حين بدأ بالهمس واللمز على لباسي وجمالي وكنت أهز برأسي دون كلام، لكنه بدأ يتمادى عندما كنا نخرج سوية لشأن في عمل لجنة لن أسميها، وكان فيها بعض الربح والمال، ولما اشتد عوده بنيلي بعضه بات يستغلني بالوشي بي عند المدير، ويطلب المواعيد، بداية جاريته خوفاً من الفضيحة وكذبه الذي سيفتري به علي، لكن مع ازدياد طلباته سئمت منه وكرهته، خمس سنوات عمل ضاعت باستقالة طلبتها من المدير وهجرت المدينة لآتي هنا بحثاً عن وظيفة ليس فيها رجال، والحمد لله أعمل اليوم في مشغل خياطة عند سيدة محترمة.
اكتئاب واضطراب
العمل بكرامة هو حق من حقوق الإنسان هو ما بدأ به الحديث الأستاذ سامر خريج كلية الاقتصاد فيقول: إن المضايقات المتكررة في العمل تؤدي إلى العدائية بعد ما يختلج في الصدر وما يصيب النفس من اكتئاب وقلق واضطراب يؤثر على مهنة الضحية والتغيب عن عملها وبعده فقدان وظيفتها.
فبدلاً من الإبلاغ عن المشكلة فإنهن غالباً ما يقلن أن ليس لديهن خيار آخر سوى ترك العمل، أي البدء من نقطة الصفر وفقدان الأجر والترقية الوظيفية ومكاسب أخرى ويتابع: كما يعرض فرصهن في الحياة للخطر وفي بعض الحالات لا يساهم الخوف والتحرش والإساءة في المدارس إلى خروج الفتيات من التعليم بل وفي زواجهن المبكر والذي فيه كل أنواع الاستغلال، على الموظفة الإنكار لأقوال المتحرش وتجنبه بل مواجهته والإبلاغ عنه وحتى التحدث للزملاء، فهي بحاجة للدعم والشعور بالأمان وبيئة آمنة للإفصاح، وما زالت أكثر البلدان لا توفر الحماية القانونية للمرأة من هذا الشكل المتفشي الذي هو شكل لعدم المساواة بين الجنسين، ولا تشكل القوانين علاجاً للتحرش إلا أنه خطوة مهمة لتوفير الحماية للنساء.
في عقر دارنا
ألغيت خطبتي، وانفصلت عن حبيبي لأمر أزعجني، فكان منه أن انهال عليّ في غرفتي وعلى أبواب شاشة الموبايل لأرى صوري بأبشع استغلال للانتقام، ثار غضبي وبادلته بنفس الأسلوب المهين، لنكون سيرة على كل لسان، ولأبتعد عن الأصدقاء والجامعة وأتحاشى مغبة السؤال والأحكام بحجج واهية لا صدق فيها بل الكذب والافتراء، ريثما تظهر غير حكايتي على مواقع التواصل يلتهون بها وينسون أمري.
الأستاذ علي ديب، مرشد اجتماعي أفادنا بأنه يمكن أن نسمي ذلك تحرشاً وحتى من يبعث بالتعليقات والصور المسيئة للعين والنفس عبر مواقع التواصل تعتبر تحرشاً يحدث في الدراما والواقع المليء بـ (المتنمرين) في المدرسة والبيت والعمل والحياة ويصل لعالم الكبار والصغار أيضاً، التحرش مجموعة من السلوكيات المزعجة والمتكررة معنوية وجسدية، وقد يكون من السهل التعرف على أنه تحرش، ولكن فترة إدراكه تختلف من شخص لآخر للرد عليه، وقد يتحمله البعض والآخرون ينزعجون، فالمتحرش يمكن أن يمسك بهاتفه وعبر اتصال على النت يقع في تنابذ بالألقاب وقذف بما يسيء لشخصك، ونشر معلومات تسبب الحرج، التعقب والملاحقة والظهور أمامك دون رغبة منك، وهنا على الشخص المتضرر أن يوثق ويحفظه بلقطة شاشة ثم يلحق الأمر بإخبار العائلة والأصدقاء ولو كان جارحاً وصعباً عليه ولا يتحمل الأمر لوحده وعليه التبليغ أيضاً.
حملات ومبادرات بعض الجمعيات توفر الحماية والحرية الكافية للمجني للإفصاح وسماعه لنصرته ومشاركته الحل ومنها جمعية تنظيم الأسرة، حيث قصدنا مركز المساحات الآمنة للمرأة والتي تعد فسحة للأمل والأمان وفتح آفاق جديدة أمامها وأطر حياة وعمل تحق ذاتها واستقلاليتها، سألنا عن حالات سجلت لديهم، فكان الجواب عند مقدمة الدعم النفسي تانيا الخير، مديرة حالة:
تطوعت بالجمعية في مركز الشباب منذ أكثر من عشر سنوات بجلسات توعية وتثقيف، وقد تأهلت لعملها بعد خضوعها لدورات مركزية تعنى بهذا الشأن على مستوى الجمعية وصندوق الأمم المتحدة للسكان تقول: نركز على الكشف عن حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي من خلال الدورات التي يقيمها المركز، وأيضاً من خلال جلسات التوعية الأسبوعية حيث نتحدث فيها عن مواضيع وطروحات تخص المرأة والعنف القائم عليها وحتى هذا النوع من العنف (التحرش) إذ أنه يشمل جميع أنواع العنف (اللفظي، النفسي، الجسدي، الجنسي..) حتى قد تكون (التلطيشة) في بعض الأحيان بعبارات جميلة وقد تكون بإيحاءات مخدشة للحياء وقد تتمادى للتحرش الجسدي أو الجنسي وهنا الخطورة التي تأتي على تأثيرات أعلى وأعمق عند المجني عليها.
قد يكون التحرش من أحد المقربين أو الأصدقاء أو زملاء في العمل والأوسع انتشاراً في أماكن الازدحام، ولدينا أعداد كبيرة تلجأ للجمعية، وأنا كمديرة حالة أناقش معها حالتها وأتابع أمرها حتى أوصلها بر الأمان لمتابعة حياتها بكل جرأة ونشاط، لا أعطيها حلاً مباشراً بل إضاءة على حالتها وإبراز نقاط القوة لديها لتعزيزها والتي تستطيع الاعتماد عليها للنجاح لتخرج بالحل بنفسها بكل ثقة، والمستفيدة تطرح مشكلتها، قد يكون ظاهرها عادياً، لكن باطنها مؤلم وعميق، لنحدد إذا ما كانت بحاجة إلى إحالة (قانونية أو طبية أو غيرها) نتابعها حتى لو كانت تحتاج لجهات خاصة أو حكومية، حيث توجد حالات صعبة جداً مثل امرأة متزوجة تتعرض لمضايقات من شاب في حارتها وقد عرضنا مشكلتها على المحامي الذي وقع الشاب على تعهد بعدم الاقتراب منها والتعرض لها، ونحن نشجع جميع الفتيات على تقديم البلاغات وعدم السكوت خاصة عندما يكون التحرش مؤذياً، نحن نقدم المساعدة مهما كان شكلها وبمختلف أوجهها، وإذا لم تكن المستفيدة أو المترددة على المركز مستبصرة وضعيفة يمكن أن نستعين بشخص مقرب منها وقادر على مساعدتها لتكون المساعدة المقدمة لها بأعلى جودة، والجلسات التي نقيمها في المركز جلسات سرية لا يمكن الإفصاح لأحد عن المعلومات أو حتى أسماء المستفيدات للحفاظ على الخصوصية وسلامتهن وكرامتهن.
لدينا مركز المساحات الآمنة للمرأة وهو لدعم وتمكين المرأة وداخله جلسات توعية وتثقيف وهي ما تأتي عليه أيضاً الفرق الجوالة في القرى والحارات وما تشمله المحافظة من مدن ومناطق، ونستقبل أي فتاة بمشكلتها مهما كان وضعها ومكانتها، وجميع الخدمات تقدم مجاناً من خلال العيادات النسائية والأطفال والعيادات المتنقلة، فقط الاستشارة القانونية تنازلنا عنها في التشبيك مع الجمعيات لتنحصر على الأمانة السورية للتنمية والهلال الأحمر.
الاعتماد على البلاغات الرسمية عن التحرش لا يبيّن مدى حقيقة انتشار هذه الظاهرة والاعتراف بهذا السلوك, ليس من المقدور التفتيش بها أو تناولها.
التحرش اللفظي واللمسي
طغت على سطح المجتمع ظاهرة التحرش بعدما كان الحديث عنها محرّماً أو محرجاً وأصبحت هناك جرأة بخصوص هذا الموضوع الذي يكثر في الأماكن المزدحمة ووجود الفتيات.
هناك أنواع للتحرش سواء اللفظي أو اللمسي وقد تكون بشكل إيحاءات أو تعليقات أو مكالمات هاتفية مزعجة ومخيفة بصيغة من الكلمات غير المرغوب فيها، فتخلق شعوراً بعدم الارتياح أو التهديد والخوف وقلة الاحترام.
هناك الكثير من ينظر إلى التحرش بقلة اهتمام وتسلية وملء وقت فراغه ولا يدركون الآثار السلبية التي يتركونها.
رأي قانوي للمحامي أحمد الحلاق
يعد التحرش اللفظي ظاهرة تنتشر في معظم المدن السورية بنسب متفاوتة ترتفع حرارتها مع سن البلوغ عند الشباب والضحايا دائماً شابات يافعات، وكذلك نساء تجاوزن العقد الرابع، والمتحرش غالباً عابر سبيل مضطرب نفسياً، كبير أو صغير في السن لا يمكنه التحكم والسيطرة عند مشاهدة مفاتن وجمال النساء، منهم من يلجأ إلى الاستخدام اليدوي كالقرص السريع والهروب أو التلفظ البذيء والخادش للحياء، وهناك بعض التحرشات الخفيفة السائدة تصنف بـ (البريئة) بين الجنسين تفرغ شحنة لدى الذكور تشعرهم بذواتهم وصحة مشاعرهم تجاه الجنس الآخر وفي بعض الأحيان يؤدي الأمر إلى حرمان الفتاة من دراستها وتزويجها بسبب مخاطر الشارع الكبيرة.
رسمياً يعاقب قانون العقوبات السوري بحسب المادة /506/ المتحرش يدوياً بأكثر من خمسة عشر عاماً سجناً والمتحرش لفظياً بكلام ممنافٍ للحشمة بالسجن بين يوم وعشرة أيام وغرامة مالية، أما الحالات التي سجلت في هذا الإطار قليلة وبخاصة التحرش اللفظي في الشارع يصعب إثباته وإن ثبت ذلك يقف المجتمع الذي ما زال محافظاً رغم خديعة الانفتاح الشكلي ضد الفتاة ( الضحية) ويحملها وزر ما حصل لها بسبب ملابسها وحركاتها حتى ولو كانت محجبة.
حالات
سها طالبة جامعية: لم نعد نكتفي بالمعاناة اليومية انتظار وسائط النقل إنما تطور الوضع والوقوع بمواقف مزعجة، في أحد الأيام وأنا داخل باص النقل تعرضت لتحرش فظ من قبل أحد الشباب والباص محشو بالركاب حيث قام بإمساكي من كتفي والضغط بقوة، طلبت من الناس التدخل وكذلك السائق لكن أحداً لم يتدخل، أخذت بالصراخ والبكاء، توقف الباص و نزل الشاب مسرعاً، وصفت الناس بعديمي النخوة والشرف فأجابني أحدهم (لو ما عطيتيه وش ما كان تحركشك) وبعدها أصبحت أخاف الذهاب في مثل هذه الظروف.
غنوة، موظفة: هناك حركات تصدر من بعض زملاء العمل بقصد إضفاء جو خاص بينهم إلا أنه نوع من التحرش مثل التلفظ بكلمات غير محببة أو لمس الكتف والتحديق والنظر الطويل ومراقبة أي حركة وهناك بعض المديرين يستغلون مركزهم والتصرف بحرية تامة مع بعض الموظفات وليس أمامهن سوى الخضوع والتزام الصمت حرصاً على فقدانهن عملهن، ولكن يجب التصرف بشجاعة وعدم الخجل والإبلاغ لوضع حد لهؤلاء ونيلهم العقوبة اللازمة.
السيدة نيرمين: أغلب حالات التحرش تحدث في زحمة الأسواق، إذ هناك بعض الشباب يستغلون هذه الحالة ويحشرون أنفسهم بالرغم من عدم رغبتهم في الشراء، إنما يأتون من أجل التلطيش وملامسة النساء وخصوصاً في الأسواق الضيقة وهم بارعون في أداء الحركات ورش الكلمات لكل من يمر أمامهم.
غيث أحد الشباب الذي لا يمكنه التخلي عن هذه الحركات حيث قال: أصبحت بالنسبة لي عادة محببة ففي كل يوم أذهب وأقف على طرف أحد الشوارع الرئيسية وكلما مرّت أمامي فتاة أدندن بكلمات الغزل أو مقطع أغنية ولم أشعر يوماً أنني أقدم أذية لإحداهن، بعضهن تضحك ومنهن من تسمعني كلمات قاسية تدل على وقاحتي وأتلقى بعض الضربات بالحقائب وأنا أرد (معليش ضرب الحبيب زبيب).
أمام أبواب مدارس البنات نرى تجمعاً لشبان جاؤوا من مدارسهم أو هم عاطلون عن الدراسة والعمل ينتظرون طرائدهم من التلميذات الجميلات لإسماعهن فنون التلطيش (التحرش اللفظي) على الرغم من أنها الصيغة الألطف التي تتقبلها معظم البنات واعتبارها إعجاب بشكلها ولباسها ورائحة عطرها.
إذاً التحرش هو دليل كبت نفسي أو عقدة نقص وليس له علاقة بالمشاعر والأحاسيس أو دليل قوة على العكس تماماً مجرد حركات والتحرش مصطلح فضفاض يحمل أوجه كثيرة.
هدى سلوم- معينة جرعة