الوحدة: 25- 8- 2022
صدرت للكاتبة ريتا المصري مجموعة قصصية بعنوان ( أمل من رحم الألم ) صادرة عن دار الشمعة، هي قصة واحدة وعنوان عبرت من خلاله الكاتبة عن حالة اجتماعية وحقيقة حدثت، حيث امتزجت فيها دموع الألم والأمل.. قصة تأخذك لعالمها بطريقة السرد الشيق واللغة المتناغمة، فكل سطر يشدك للآخر لأنها كتبت من واقع عاشته، فلم تكن ولادة القصة من الخيال بل هي قصة حقيقية قد أضفت بمشاعرها وأحاسيسها تفاصيل روحها المشرقة ممتزجةً بتفاصيل الزمن لتنسج من خيوط النور أملاً يعانق أملاً وحلماً يصافح حلماً.. نعم إنها الكاتبة والقاصة ريتا المصري لتبدأ العنوان ب(زينب) حيث تقول الكاتبة: زينب حكاية شقاء وحزن، زينب حكاية دموع وألم، زينب حكاية عطاء وتضحية، الأرض اخضرت على يديها… أزهرت…أثمرت، فعلمت إخوتها وساندتهم، وحملت عبء حاجاتهم، لم تكن تشكو همومها لأحد، كانت تقول: همي سأدعه في قلبي، فما للناس من ذنب حتى أحملهم ثقل همومي. هنا حاولت الكاتبة تجسيد حالة الأم المثالية التي قدمت كل ما هو جميل لأولادها، الأم التي زرعت البسمة رغم الشقاء والألم الذي يعتصر قلبها .. الأم الصبورة ..الحنونة هكذا عبرت الكاتبة ريتا عن الأم زينب لتكمل الحكاية بولادة الطفلة ريتا، هنا بدأت المعاناة مع ظهور مرض خطير بساق الطفلة وبدأت رحلة العلاج الكيماوي وبعدها تم بتر ساقها وهي بالصف الأول، لم تعش طفولتها كباقي الأطفال وهنا فقدت ابنة زينب الفرحة وقضت سنوات من عمرها مذهولة مما حل بها، ترى دون أن تنظر، تسمع دون أن تصغي، تسافر دون أن تغادر، تعيش بين الناس دون أن ينتبه أحد أنها في الحقيقة نزيلة العناية الفائقة، فلا شيء مما يسعد الناس يسعدها، والخبر يتداوله الناس يعنيها، وكل حديث يبكيها لأن كل المواضيع حتماً ستمضي بها إلى القدر الذي دمرها ومضى.
قصة تحمل نكهة الوجع والألم والأمل والمحبة والانتظار والحلم حيث تتتالى الأحداث وقد استخدمت الكاتبة أسلوباً سلساً وكأنه جزءٌ من مقطع موسيقي، والفكرة التي طرحتها في أسلوب سردي وحواري مشترك ضمن لغة ميسرة قريبة من القارىء، حيث تمكنت الكاتبة من معرفة أدوات القصة في عالم نسج الخيال والوصف الدقيق للأحداث، ونجد أن هناك فلسفة الموقف أو الحدث، وقد اعتمدت الكاتبة على تقنية الحوار وعلى وجهة نظر فلسفية مرتبطة برؤية شاملة في الكون والحياة، وقد امتلكت القدرة على رسم المشهد وتحديد إطار القارىء ليصل بسهولة إلى نهاية المشهد، لتقول في مقطع من القصة:
لك يا أمي يعود فضل نجاحي ..لك يا أمي أهدي هذا النجاح .حصّنتني أمي لتبارك لي، أحسست أن العالم هزه الصمت، والقواميس أصبحت فارغة من الكلمات لتبقى كلمة واحدة فيها معاني كل الكلمات وجمال كل العالم وهي كلمة (أمي)… فقد أخذت البعد الأنثوي للقصة بخصائصها اللغوية ومقوماتها البلاغية ومشاعرها الدفينة التي تتكاثف بإيحاءات تشبه لوحة تشكيلية رسمتها ريشة مبدعة ترسم دقائق الأمور وتتتالى رحلة الألم والأمل بقصة الطفلة ريتا التي ساعدتها أمها لتكمل دراستها فكان النجاح انبلاج فجر بحياتها لتدخل الجامعة وتحقق حلمها وحلم أمها.
القصة فيها عبرة وحكمة تحمل الكثير من المعاني ليولد الأمل من رحم الألم.
هويدا محمد مصطفى