الوحدة:22-8-2022
أتصفح صفحات التواصل الاجتماعي، لأطالع الأخبار على تنوعها، وبحكم عدم تواجد الروائز الضابطة للأقوال والأفعال المتناثرة على شاشة (الفيس بوك)، أستغرب كم المهاترات من فرض الرأي وعدم احترام مايخالفه واستعراض العضلات الفكرية والتدخل في خصوصيات الآخرين دون أدنى موضوعية.
كان كاتب الرأي أو التعليق يجمع بين الجرأة والرصانة والمسؤولية ، بعيداً عن الشتم، مع الاعتبارات التي يأخذ بها من كافة الجوانب القّيمة والأخلاقية والمهنية.
وكانت مسألة التحقق من الخبر ومصادره قبل تبنيه ونشره هي من ألف باء الصحافة، وكنا كأشخاص نشعر بشيء من الارتياح وبنوع من حصانة وقوة رفع معنوية تثير عندنا الرغبة في قراءة الصحف والإقبال على شرائها بشكل يومي.
كانت الصحف تصنع رأياً عاماً، وتتمتع بمساحة ما من الحركة والقدرة على التعبير عن نفسها، من خلال الصحف المتنوعة والمتعددة، وتعمق الفكر وتثري الوجدان بالمصداقية قبل النشر.
حالياً ابتعد القراء والناس عموماً عن الصحافة المكتوبة، لأنهم باتوا يفضلون ( الوجبات الجاهزة ) التي تقدمها المواقع الإلكترونية.
ومع اقتحام التكنولوجيا للصحافة ، كانت أولى مضاعفاتها تحجيم الصحافة الورقية التي شارفت في بعض البلدان على الانقراض، وراحت المواقع الإلكترونية تتكاثر في كل مكان، وعممت المعلومات دون قيد أو شرط، وبسبب تلك الفوضى العارمة التي أحدثتها الثورة الرقمية ، نشأ التراجع المخيف في المستوى المهني وبرز الشح في القدرات.
وأصبح نمط الحياة اليومية المبني على الاختصار، يجعل الأغلبية يكتفي بأي شيء يقدم له، بغض النظر عن نوع المادة ومضمونها أو المعلومة وصحتها وقيمتها الثقافية والعلمية، فعند قبوله لأي شيء وبسهولة سيتبنى الفكرة مهما كانت مبتذلة وتافهة.
إن الأسلوب الركيك والفقير لغوياً الذي ينتهجه أصحاب ( الصحافة الجاهزة ) على الرغم من الغنى في مفردات اللغة العربية،سيحول الصحافة عند البعض للتنازع في الارتزاق والابتذال ، وزيادة السطحية وعرض قشور الحقيقة والأفكار دون تمعن أو تحقق لائق ، لينشأ جيل من القراء يبتعد عن حقيقة الثقافة، ويستمد فكره من كل ماهو جاهز لأنه سهل ويسير.
تيماء عزيز نصار