الوحدة: 21-8-2022
في الحادي والعشرين من شهر آب عام ٢٠١٨ غادرنا الكاتب الكبير حنّا مينه، وهو الروائي السوري المبدع وأحد مؤسسي رابطة الكتّاب السوريين واتحاد الكتّاب العرب، ويعدّ من كبار كتّاب الرواية العربية الواقعية. عاش حنّا مينه طفولته في إحدى قرى لواء اسكندرون على الساحل السوري، ثمّ عاد مع عائلته إلى مدينة اللاذقية وهي عشقه وملهمته بجبالها وبحرها الذي سكن قلبه وعقله. كافح كثيراً في بداية حياته، وعمل حلاقاً وحمالاً في ميناء اللاذقية، ثم بحاراً على السفن والمراكب، كما اشتغل في مهن كثيرة أخرى، ودخل عالم الصحافة بعدها، ثم أصبح كاتب مسلسلات إذاعية للإذاعة السورية باللغة العامية، وروائياً كبيراً له اسمه وحضوره. البداية الأدبية كانت متواضعة، فقد تدرّج في كتابة المقالات والأخبار الصغيرة للصحف في سورية ولبنان، ثم تطور إلى كتابة القصص القصيرة، حيث أرسل قصصه الأولى إلى الصحف السورية في دمشق بعد استقلال سورية، وبعد ذلك استقر به الحال في العاصمة دمشق وعمل في جريدة الإنشاء الدمشقية حتى أصبح رئيس تحريرها.
بدأت حياته الأدبية بكتابة مسرحية “دون كيشوت” وقد ضاعت من مكتبه. كتب الروايات والقصص الكثيرة بعد ذلك والتي زادت عن ثلاثين رواية أدبية طويلة، إضافة إلى القصص القصيرة، منها عدة روايات خصّها للبحر الذي عشقه وأحبه. أولى رواياته الطويلة التي كتبها كانت (المصابيح الزرق)، وتوالت إبداعاته بعد ذلك. علماً أنّ الكثير من روايات حنا مينه تحولت إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية سورية. وكان لحنّا مينه أيضاً الدور الواضح في الدعوة إلى إيجاد وإنشاء اتحاد عربي للكتّاب، وتم تأسيس اتحاد الكتّاب العرب عام 1969 وكان أحد مؤسسيه.
من أهم رواياته ومؤلفاته : المصابيح الزرق، الشراع والعاصفة، الياطر، الأبنوسة البيضاء، حكاية بحار، نهاية رجل شجاع، الثلج يأتي من النافذة، الشمس في يوم غائم، بقايا صور، المستنقع… وغيرها كثير.
كان الروائي الكبير عاشقاً للبحر والميناء والسفن، من يقرأ حنا مينه يعرف كم هامَ عشقاً في البحر، فكان أنيسه، وملهمه، ومستودع أسراره، يستلهم منه الحكمة والشموخ، لهذا خصص له جلّ رواياته وكشف معاناة البحّارة والصراع الطبقي الحاضر في كل أصقاع الدنيا، وكان حاد الرأي يرفض الذل والخنوع وانعكس ذلك في كتاباته، واتسمت رواياته بالواقعيةِ الاجتماعية وبالصراعات المختلفة، وكان لجزءٍ من تجاربه الخاصة أثرٌ مميزٌ في كتاباته عن معاناةِ الناسِ، كما لم يتوقف عن تجسيدِ الواقعِ المرّ لطفولته، وعدّه ملهماً لرواياته.
له دور مهمّ في إبداع وتألق وتميز الدراما السورية، وجميعنا كنا من مشاهدي ومتابعي مسلسل “نهاية رجل شجاع” بطولة عملاق الدراما أيمن زيدان… أيضاً مسلسل (المصابيح الزرق) الذي سلّط الضوء على قصص أهل البحر ويومياتهم.. وغيرهما من المسلسلات الخالدة في ذاكرتنا. سيبقى حنّا مينه حيًاً في وجدان كل من عاصره وقرأه وشاهد إبداعاته المترجمة عبر الدراما والتي شكلت نقطة تحوّل في تاريخها وتطورها وانتشارها.
ريم جبيلي