ماضٍ مشرق وحاضر ينتظر!  

الوحدة :  19-8-2022

أيام عجاف تتسلّل إلى كياننا بحذر شديد، لكن نبقى محكومين بالأمل ونتضرّع بصلاح الأحوال على جميع الأصعدة، أطلال الزمن الجميل تداعب مخيلاتنا، نتحسّر على تفاصيلها ونُقنع أنفسنا بأنها ضغوط عابرة، لعلنا نتجاوزها بأقلّ الخسائر .. فقبل عقد من الزمن كنّا ننتظر كرنفالات عائلية صيفية مشتركة تبدأ فعّالياتها عبر تحضير المؤن المتعدّدة، بالتزامن مع تأمين مستلزمات بداية العام الدراسي من كتب وقرطاسية وشراء تلك التلل من الدفاتر متعدّدة الأشكال والألوان، روائح أوراقها البيضاء تُبشّر بانتهاء حالة الصيف وبرامجه المفتوحة، لتبدأ مرحلة جديدة عنوانها خريف المدارس والانسجام الصعب مع تلك الّلحظات، وعلى المقلب القريب يبدأ الأهل بخوض غِمار مونة الشتاء على عدّة جبهات، وأهمها (مونة) البيت من المكدوس والمربيات وتنتهي بعناء قِطاف الزيتون وما يتخلّله من زيت وزيتون، وحدّث كثيراً عن متطلبات أخرى تُدرس بعناية وحساب دقيق، وطبعاً كانت الأوضاع المادية تمكننا من القدرة على تلك المواجهة المؤلمة بنسب متفاوتة وحسب تعداد أفراد العائلة .. لكن في وقتنا الحالي فإن ما نملكه من إمكانيات و المتمثلة بالراتب (الكهل) أعلنت تراجعاً قسرياً وانسحاباً إجبارياً أمام تلك المعارك الخاسرة سلفاً، والخوض فيها وبأسبابها يطول كثيراً، ولكن المهم الآن هو (الجود بالموجود فقط ولو بشق الأنفس) فالصبر على البلوى هو العنوان وهو قمّة الإيمان، والأكثر أهمية هو نسيان الماضي العريق والابتعاد عن مصطلح كِبار السن ( كنّا.. ونوقا ) والاعتراف بحاضر يشبه واقع الكثير من المجتمعات الغربية سابقاً، أنهكتها الحروب العالمية وتبعاتها، من جوع وتدمير وفقدان مواد غذائية وأدوية، فأصبحت موادهم واحتياجاتهم بتقنين مُحكم، كشراء الفواكه والمواد الأخرى بالحبّة الواحدة التي تتطلبها الأسرة لوجبة واحدة إبان أزماتهم المتلاحقة، وهنا العبرة التي تنفعنا كمستهلكين، فيجب تعليم الذات على تقنين المصاريف اليومية، ووضع برامج اقتصادية ذات جدوى هادفة، لأن الزّمن السابق خرج نهائياً عن المألوف ومن الطبيعي التأقلم مع الواقع الحالي الذي فُرض علينا وعلى مجتمعنا بشكل عام، ولا زلنا نُؤمن ولو مؤقتاً بمقولة قديمة أن (لا أحد يموت جوعاً)، وهذه الظروف الاستثائية التي نعيش تفاصيلها الاقتصادية الصعبة هي كفيلة بأن تنسينا مرارة سنين وأيام خلت، كان عنوانها الموت المتربّص بشخوص إرهابٍ متنقّل وقذائف عمياء، ومؤخّراً تفشي الأوبئة القاتلة القادمة من بعيد، زار شبحها أضلاع الكثير، أصدقاء ومقرّبين، فمنهم من قضى نحبه وآخرون استطاعوا النجاة بعد صراع مميت، وهذه عبرة مجّانية بضرورة وضع المقارنات والمقاييس بين الأشياء وتحمّل الضغط العام الحالي المُطبِق، فالقرابين وُضعت والأمل منشود والأوضاع قابلة للتغيّر بين عشية وضُحاها .. والصبر هو العنوان.

 

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار