الوحدة 15-8-2022
التشرّد .. هو المشهد الأصعب على الصعيد العام، بغضّ النظر عن عملية التسوّل وأساليبها ومسبّباتها، والمتعارف أن غالبية المشرّدين المتسولين هم أُمهات أدواتهم العاطفية من الأطفال الرُضّع أو بعاهة جسدية لحقت بأحد الأبناء أو كبار السن على عرَبة مُدمّرة، لكن الظاهرة الجديدة أبطالها فتيات صغيرات تبدو على هيئاتهن الرّتابة المصطنعة، هم مجموعة بنات من الحجم الصغير تُقدّر أعمارهن ب ١٠ سنين أو تزيد قليلاً،
حرم جامعة تشرين ملعبهم الرئيسي، على اعتبار أن طلاب الجامعة من مُرهفي الإحساس وهم الأكثر تفهماً على هؤلاء المشرّدات، يتصنّعن العبارات والجمل التكتيكية العاطفية، يتعلّقن بأطراف الطلاب، ذكوراً وإناثاً، فيستميلون عطفهم بكل براعة وإتقان، يلاحقن الطلاب من اليمين تارة ومن الشمال والأمام تارة أخرى، بالمقابل هؤلاء الطلاب سينصاعون لطلباتهم خجلاً من أقرانهم والتخلّص من تلك الملاحقات المُزعجة، وعلى الغالب منبت هؤلاء الفتيات وبيئتهم على نفس النهج المتّبع، وخروج هؤلاء إلى الشوارع ليس بمحض الصدفة أو المفاجأة، فقد تم زجّهن بهذا المعترك برضا وإصرار الأهل، والأسباب متعدّدة وكثيرة وأهمها غياب التربية المنزلية والتفكير السليم، إضافة لوجود أسباب التسوّل التي تفشّت وازدادت اضطراداً مع سوء الأحوال الاقتصادية التي خيّمت على الواقع العام، والأكثر من ذلك انعدام الحسيب والرقيب الرّسمي الذي يكافح هذه الظاهرة بالطرق السليمة عبر مؤسسات تُعنى بهن، وأهمها الشؤون الاجتماعية والعمل، وكذلك الجمعيات التي أُنشئت لمكافحة هذه الظاهرة بالطٌرق التربوية السليمة، وإيداعهن بمؤسسات ومراكز إيواء مختصّة تؤمن لهن التأهيل الّلازم وإعدادهم نفسياً وبدنياً لدمجهن بالمجتمع من جديد.
سليمان حسين