العدد: 9327
4-4-2019
كلهم أمل أن يعود الصراف ويشتغل، وقفوا بأوجاعهم في الطابور أمامه لأكثر من ساعة ومن يأتي يسألهم (شغال) يرددون ويردون جميعهم وبصوت واحد ما قاله موظف المصرف (ما في شبكة، شوية وبتجي) يقف بجانبهم أو في الدور، طلاب تركوا محاضراتهم وموظفون أخذوا ساعة إذن وغياب، وغيرهم من الجامعة وخارجها تجمهروا أمام حضرة الصراف ( ويا ريت بقينا عند فلان معتمد الرواتب لا صراف قابض وممسك بالعيش والأرواح، والله إذا قدرت اليوم أجي غداً لن أستطيع فلا مال لأجرة السرفيس) فيرد أحدهم (اصبري ، هو العطل من الشبكة) ( منذ يومين وأنا أدور على الصرافات في المدينة، منها توقفت لقطع كهربائي ، وآخر ليس في الخدمة، وهذا وذاك لعطل في الشبكة.. لقد وعدت الأولاد أن أعود محملة بما يطيب خاطرهم، وطبخة بلحمة هبرة ترضيهم) ضحك الجميع ( كلنا بالهوا سوا، ليس بجيبنا غير قروش، أول الشهر يا سلام وبعد عشرة أيام منه تبدأ شرور الهموم وأثقال الحمولة الزائدة بأكوام، فأسعار الخضار والبطاطا التي كانت طعاماً للفقير اليوم في سعير وحاجات البيت الضرورية لرمق العيش هي محرقة أوراقنا النقدية ولا فيها فاكهة أو حلويات) فيقاطعه آخر يقولون: ارتفاع الأسعار من الطقس وأجور النقل، هذا الشتاء الطويل يرفض أن يبارحنا ويرخي من قسوته المبلولة ما شاء، ننتظر بفارغ الصبر ربيعاً مثقلاً بالخضراوات بلا انفلات للأسعار، مع انفلاش ضبوط الرقابة وانبلاج أملنا بزيادة لطالما انتظرناها في الراتب، واندياح عتمة شاشة هذا الصراف لتشرق آمالنا بأهلاً بك تفضل الراتب..
وهم منغمسون بالحديث والقول (ناس تجي وناس تروح، إنما للصبر حدود) لقد رحل وارتحل عنه كثيرون، ليصير الذي دوره العاشر من الأوائل، وفجأة تقطع حديثهم شيفرة ضوئية تنبئ بنبض في الصراف لتضع إحداهن بطاقتها باستعجال والموظف ينادي لا تسحبي غير ألف كبداية وبعدها خذي ما تشائين (يا ريت.. بدنا كتير.. بس راتبنا فقط 35)
يركض الجميع ليقف كل في دوره، فقد كان بعضهم يجلس على حافة حجر الرصيف ومنهم قد تأهب للبحث عن صراف، ها هم قد عادوا والفرح يكسو عيونهم وقلوبهم تتراقص طرباً على إيقاع أزرار تعليمات النيل منه، هو الفرج إن شاء الله.
هدى سلوم