الرقم الإحصائي صناعة أم رفع عتب؟ الثــروة الحيوانيــة فــي جبــلة مثــالاً..

رقــم العــدد 9326
3 نيســــان 2019

يشكل الرقم الإحصائي أحد أهم أركان اتخاذ القرار في مختلف المجالات ولاسيما المجال الاقتصادي، ولأجل هذه الغاية نجد حرص كافة الجهات العاملة في هذا المجال على لحظ مديرية أو دائرة للتخطيط والإحصاء ضمن هيكليتها الإدارية تكون مهمتها توفير الرقم الإحصائي الدقيق لمتخذ القرار من أجل مساعدته على اتخاذ القرار السليم المستند على الحقائق والأرقام، لكن عمل تلك الدوائر على ما يبدو قد أضحى مجرد بريستيج وأقرب إلى رفع العتب وهو ما تظهر نتائجه في أعمال تلك الدوائر.
تقرير فلاحي جبلة مثالاً
الأمثلة على ما قدمناه ولاشك كثيرة لكن ما وقع بين أيدينا عبر التقرير الاقتصادي المقدم لمؤتمر رابطة فلاحي جبلة لهذا العام ربما كان مثالاً حياً على ما تقدم وهنا لا نغمز من قناة الرابطة باعتبار أن الأرقام التي توفرت لها هي من خلال الجهات المشرفة والمعنية بالقطاع الزراعي تلك الأرقام التي تشير في المجال المتعلق بأعداد الثروة الحيوانية في منطقة جبلة خلال العام الماضي ووفقاً لما ورد في التقرير إلى 6628 رأساً من الأبقار منها 25 ثوراً و 2284 عجلاً وعجلة و 3710 من الإناث الحلوب و 609 من الإناث غير الحلوبة في وقت وصل فيه عدد رؤوس الأغنام إلى 9102 رأساً منها 5472 رأساً حلوباً و 3630 رأساً غير حلوب وعدد رؤوس الماعز إلى 5300 رأس 179 منها من الماعز الشامي و 5535 رأساً من الماعز الجبلي، أما حالات التلقيح الصناعي التي قدمت لمختلف أنواع القطيع الحيواني فوصلت إلى 15200 حالة وعدد خلايا النحل فوصل إلى 15352 خلية منها 14962 خلية حديثة و 390 خلية قديمة.
إلى هنا تبدو الأمور منطقية لكن مقارنة تلك الإحصائيات بالأرقام التي وردت في التقرير الصادر عن الرابطة ذاتها ولكن عن العام 2017 تدعو ولاشك مثيرة للتساؤل لكل من يدقق فيها ولاسيما في ضوء التفاوت الكبير ما بينها وبين الإحصائيات الواردة في تقرير الرابطة للعام الحالي حيث تشير أرقام 2017 إلى وصول عدد رؤوس الأبقار في جبلة إلى 11824 رأساً منها 3 ثيران و 4394 عجلاً وعجلة و 6333 بقرة حلوباً و 1094 بقرة أنثى غير حلوب، أما أعداد رؤوس الأغنام فوصلت إلى 24290 رأساً منها 13764 من الأغنام الحلوبة و 10526 رأساً من الأغنام غير الحلوبة في وقت وصل فيه عدد رؤوس الماعز إلى 5823 رأساً منها 288 رأساً شامياً و 5535 رأساً جبلياً وعدد خلايا النحل إلى 24478 خلية منها 22664 خلية حديثة و 1814 قديمة.
مفارقة واضحة
ولعل المقارنة البسيطة بين الأرقام الواردة في تقرير العام الحالي وتقرير العام الذي سبقه توضح الفارق الكبير بينهما ولاسيما بالنسبة لعدد رؤوس الأغنام والأبقار حيث يصل هذا الفارق إلى النصف تقريباً وأيضاً لرؤوس الماعز التي نقص عددها بأكثر من 500 رأساً وكذلك عدد خلايا النحل التي نقص عددها أيضاً بـ 9126 خلية ما بين عامين وهو الأمر الذي يدعو للتساؤل لاسيما إذا أخذنا بالاعتبار بأنه من المفروض زيادة عدد هذه الحيوانات وعدم نقصانها وذلك على الأقل وفقاً لنسب التزايد والتكاثر الطبيعي لمختلف أنواع الثروة الحيوانية التي ذكرناها ولا تبدو هذه الأرقام مبررة إلا في حالات يجب التنبه إليها وهي الاستنزاف الكبير لها، إما من خلال الذبح العشوائي أو التهريب أو غير ذلك من الأسباب التي تنفيها الجهات المعنية بالأمر.. لتبدو الأرقام المذكورة وفي مختلف الأحوال بحاجة إلى تدقيق ومراجعة وذلك بغية الوصول إلى الرقم الدقيق الأقرب إلى الواقع ليس في الجانب المتعلق بالثروة الحيوانية وإنما في القطاع النباتي حيث يدعو الرقم الدال على الكميات المسوقة من محصول الحبوب لصالح المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب في جبلة للتساؤل أيضاً ولاسيما أنه يشير إلى وصول تلك الكميات إلى1003,58 طناً في عامي 2017 و 2018 ويا للمفارقة الرقم ذاته حتى مع الفواصل.
وأخيراً
ولعل ما ذكرناه في تقرير الرابطة ما هو إلا مثال يتكرر في العديد من الإحصائيات الصادرة عن مختلف جهاتنا العامة وهو الأمر الذي يدعو للتساؤل عن دقة هذه الأرقام وعلميتها وما إذا كانت توفر الأساس العلمي لمتخذ القرار لاتخاذ قراره وفقها وعن دقة أي قرار يتخذ وفقاً لمثل هكذا احصائيات كلها مجموعة تساؤلات نضعها في ذمة من يضع هذه الأرقام بطريقة لا تتوافق بالتأكيد مع حقيقة أن الرقم الإحصائي بات صناعة لها من المقومات والأسس العلمية ما يجب أن نضعه في الاعتبار عند وضع أي رقم يتعلق بأي قطاع من قطاعاتنا العامة منها أم الخاصة.

نعمان أصلان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار