الحب التنازلي

العدد: 9326

3-4-2019

بعد فحوصاتٍ دقيقةٍ، تبيّن أنّ زمرة حبّه مطابقة لزمرة دمه، والزّمرتان تتبعان أحلامه التي لم تتغير منذ كان شاباً على مقاعد الدراسة، وقد أحبّ حينها فتاةً كانت تبادله التّدفق ذاته، إلا أنه أمل بحبٍّ أكبر يأتيه من أخرى تنتظره كانتظار الزّهرة للفراشة، والغصن لعصفوره.
كان دائماً يقول: أحبُّك لكنّني أحبُّ الحياة أكثر، وأبحث عن أجوبةٍ لا أسئلة لها، كالماء الذي تمرّد على الألوان، وكالسّهل الذي يبقى سهلاً غير آبهٍ بمن يرتفع من حوله.
واليوم يحمل ذاكرةً لا دروب فيها ولا محطّات، وإنّما كلماتٍ يردّدها عن شبابه ويقول: لو عاد الشّباب لفعلتُ كذا و.. كذا.
ولأنّه لم يعد، فهو بحال ترقّبٍ، ولو امتدّ لألف عام، فالمشيب وقلّة الحركة والجيوب المظلمة الفارغة لا تعني له شيئاً!
في لحظةٍ قريبةٍ، التقى بالتي يجب أن يُحب، ولكن بينهما ألف قزحٍ وقزح، وجدران عرّشت عليها الفصول ويبست، فشعر حينها بأنه في مباراةٍ خاسرةٍ تنتظر صافرة النهاية، ليدرك بحتميّةٍ تقول: حبٌّ في أوانه أكثر بياضاً ونصاعةً من رؤوس جبال العالم، ومن لم يرتقِ إلى مستوى الجرأة، فهو لا يستحق إلا أن يُقلّم نفسه، ويختصر عمره على سريرٍ باردٍ ينقله من المرض إلى الموتِ بسرعة وسائط الحبِّ مجتمعةً.

سمير عوض

تصفح المزيد..
آخر الأخبار