نغم ناعسة ومشروع ومضة من ركام الوجع أطلقوا موسيقى صارخة في وجه البارود

العدد: 9326
3-4-2019 

في زمن الحرب، تربض الأحزان بقسوة سافرة، تهوي جاثمة على الصدر، تعبق في الأجواء رائحة الوجع على درب طافحة بالآلام، لكن الأمل في الغد المشرق يجد طريقه دائماً إلى الأرواح، (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) شراع الأمل يحمل المركب بعيداً عن مهالك الحزن ومآسيه، يشق حجاب الدمع الحالك، يشرق في الصدور فرحاً سافراً أو يكاد، هناك أناس يخرجون من ركام الوجع، يطلقون أغنية السعادة صارخة في وجه الاحتراب ورائحة البارود والموت، تنشر الأمان في قلوب باردة تاقت للمسة دفيئة، كم نحتاج في زمن متّشح بالسواد إلى لحن جميل أو رقصة تحملنا إلى شمس تحتفي بنا على مساحة غد مكلل بالسلام والطمأنينة!!

هي نغم ناعسة ابنة اللاذقية وخريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، الممثلة والمسرحية السورية صاحبة مشروع ومضة، كان لنا معها حوارية رقيقة.

* مع وقع المدافع واندلاع الحرب الضروس كنت من قلب العاصمة دمشق خرجت إلى الشارع مفاجأة الناس لزرع الحب والفن في زمن الحرب، ماذا عن انطلاقة مشروع ومضة؟
** انطلق مشروع ومضة عام 2013 وهو مشروع مسرحي غنائي راقص هدفه كسر الروتين الذي يعيشه المجتمع السوري آنذاك من حرب دموية، كنا كفنانين أكاديميين من المعهدين المسرحي والموسيقي، نسعى إلى خلق حالة فريدة من نوعها واعتمدت في المشروع على ما يسمى المسرح الخفي أو (الفلاش موب) حيث يقوم بطريقة فجائية مبتكرة من أحد الموسيقيين أو الممثلين بالعزف أو المونولوج أمام المارة بدون أي موعد مسبق مع العرض، وهذا ما يميز مشروع ومضة عن باقي المشاريع الفنية فكانت الانطلاقة تحت وقع القذائف والدمار الذي يعيشه السوريون، وكنا نؤمن جميعاً بفكرة أن الفن هو العلاج الأسمى للتفريغ عن أنفسنا وأنفس الناس الذين هم بحاجة لومضة أمل تنسيهم أوجاع الحرب ومآسيها ولو لمدة قصيرة، فأهلاً وسهلاً بكل ما ينسينا آلامنا.
* جمعتِ المسرحيين في مشروعك، ماذا عن ردة فعل الشارع السوري، وما التحديات والعراقيل التي وقفت في وجه مشروعك؟
** بالنسبة للشارع السوري كانت حالة جديدة وغريبة من نوعها وهذه الغرابة يجب أن تكون دائمة ليبقى الفن مستمراً، إن استمرارية الفن تكمن في اختلافه وتنوعه وحداثته.
كانت هناك بعض العراقيل من الناحية الأمنية، فنزولنا إلى الشارع هو بحد ذاته مغامرة تخلق الخوف عند البعض حيث كانت الحرب في أوجها، ولكن ردات الفعل كما هو موثق بالفيديوهات (يوتيوب) يثبت الحالة التي خلقها مشروع ومضة عند الناس من مشاركة فعالة وحساسة في مرحلة لم نتوقعها أبداً، وهذا كان دافعاً قوياً جداً بإنجاز ستة عروض في شوارع دمشق لغاية 2019 وعندما تقف الناس مع بعضهم البعض في وجه الحرب من خلال الفن لا يمكن لأيّ عراقيل أن تعيق الأجمل والأسمى والأنبل..
* تراكمية المعرفة والإبحار في علوم التمثيل جاءت مخاضاً لمشروع أكاديمية ستيج آرت، ماذا عن الأكاديمية؟
** مشروع (ستيج آرت) هو مشروع تنموي فني يهدف إلى حشد أكبر عدد من الطاقات الفنية والإبداعية والإنسانية ضمن فسحة تعبيرية آمنة، تخوّل المشاركين تبادل الخبرات المعرفية والفنية في مجالات المسرح والموسيقى والرقص، إذ يسعى المشروع إلى إقامة تجمع فني يضم أكبر عدد من الفنانين الشباب، إضافة إلى ذلك يتوجه مركز (ستيج آرت) إلى فئاتٍ عمرية صغيرة ضمن المجالات المذكورة ذاتها مستخدماً في ذلك الأساليب التفاعلية والأدوات العلمية والفنية التي تُعنى بتقديم الدعم النفسي للطفل.
* كل مشروع بحاجة إلى اهتمام ورعاية من قبل جهات مسؤولة عن ذلك يقال: إنه لا وقت للحب والفن في زمن الحرب، ماذا عن ضرورة الفن في زمن الحروب؟
** أعتقد أن من يقول ذلك ليس لديه الوقت الكافي ليعرف نفسه، فكيف سيسأل عن الفن وأصحابه؟ ومعرفة النفس من أصعب الأشياء وأخطرها وتلاحق الإنسان دائماً، فيبعدونها بكافة الوسائل الممكنة ولأن الفن هو الحقيقة الوحيدة في العالم المؤلمة وخاصة لمن ليس لديهم الرغبة ليزرعوا الحب، سيبقى هناك من يحارب ومن يدافع، والبقاء للحقيقة دائماً..
* مشاريعك تشقّ طريقها من المحلية إلى العربية والعالمية كيف نمهد الطريق لتصل ثقافتك الجديدة إلى كل بيت، وماذا عن الدعم الإعلامي في ذلك ؟
** أنت قلت تمهيد الطريق، وهو المطلوب لأن الثقافة طريق متوازن ومستوٍ ويجب أن يكون هناك بعض المطبات لنبقى على حذر شديد وواعيين تماماً حتى نصل إلى بر أماننا..
دور الإعلام البحث عن المشاريع الشابة الخلاقة والمبدعة واحتضانها ومعاصرة كل شيء جديد في العالم، والأهم من ذلك كله احترام عقولنا، لأننا أبناء الكتب والمعرفة وجيلنا ابن غوغل وويكيبيديا وفيس بوك..
* تجربتك في بيت القصيد مع الفنان زاهي وهبة، ماذا قدمت لك؟
** أحسست أن تجربتي الفنية لها قيمة كبيرة عند أشخاص يقدرون تجارب الآخرين ويسعون لنشرها، وهنا تصل ثقافتنا إلى الكون كله عندما نحترم جهود بعضنا البعض.

نور محمد حاتم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار