الوحدة: 4-7-2022
ماالخبر (المؤلم)، الذي باحَه لي؟ كنا شباباً، بأول انطلاقتنا في دروب الحياة والثقافة والفن والصحافة والإعلام.. وكانت مرجعيتنا، التي نلجأ إليها، في ذلك الوقت، وفي كلّ ماذكرت، أسماء مهمة، لها رنينُهاوحضورُها في اللاذقية.. (مع حفظ الألقاب ) جبرائيل سعادة، في التاريخ والآثار والسياحة والموسيقا والأدب والمسرح.. محمود وزياد عجان وفايز فضول في الموسيقا والغناء والتراث الموسيقي والتوثيق الفني.. وعدنان السيد ونبيه نعمان وجرجس جبارة ومحمود القيم وسهيل حداد وحسن اسرب في المسرح والتمثيل والإخراج .. وزهير جبور ورياض نصور وفيصل خليل ومحسن يوسف وسليمان كامل وهند هارون بالأدب .. أما الأستاذ فايز فضول، صديق الجميع، الذي يحمل روحاً مبدعة، مغمّسة بالبركة، وبطيبةٍ إنسانية نقية نادرة، والذي شاءت السماء ان ينضمّ إلى فردوسها، حيث الملائكة والقديسون الأنقياء، فهو أحد أبناء اللاذقية الذين أثروا مدينتَهم بإبداعاتٍ فنية وموسوعية، ستخلد أسماءَهم، خاصة وانّ الفقيدَ الراحل يجمع مواهبَ عدّة، مابين التلحين والتأليف والبحث والتوثيق والأرشفة، وقد قدّم، لكلّ هذه الاهتمامات، سنواتِ عمره، كي يضيء، هو وجيلُهُ المعتّق، شمعة المعرفة لكل الأجيال.. في السنوات الأخيرة، حين كنتُ التقيه في مكتبه، كان يتناول ضغوط الوقت والحياة والمشاغل، ومتاعب من يلتقيهم من أصدقاء، وبالأخصّ انعكاس أثر التقنين على أعمال وأشغال الناس، وكذلك كان يحدثني عن مشاريعِه وأفكارِه التي لاتنضب، وهو في هذا العمر المتقدّم.. كان الراحل محاطاً، دوماً، بالمحبين، من فنانين، ومطربين، وموسيقيين، وكتّاب، و إعلاميين ، تجمعهم شعلةُ العطاء بشغفٍ مطلق. على أحد الجدران، في مكتبه، صورة، يعتز بها، تجمعه بالمطربة القديرة (نور الهدى) التي قدّم لها لحناً، وللأسف، توفيت قبل أن تقومَ بتسجيله .. ولمن لايعرف الراحلَ القدير، فهو لم يتقاضَ من ايّ فنان، طيلة عمره، أي أجر، لقاءَ اغنيةٍ أو لحن قدمه، ومنهم من وصل إلى مرحلة النجومية.. ومما قاله لي الراحل، متألماً، عن سيدنا بولس مطران حلب، الذي اختطفته الجماعات المسلحة، وذلك نقلاً عن المرحومة والدته، أنّ أعلى المستويات، بما فيهم سيدنا البطريرك شقيقه، ورغم كل المحاولات التي انصبّت لمعرفة أي خبر عنه، إلاّ أنّ كلَّ المحاولات باءت بالفشل.. وكأنه غاب في قلب المجهول.. فايز فضول، ابن اللاذقية البار، وعاشق الموسيقا والإبداع والأصالة، الطيب، المحبّ، النقي، والد الاختين الراهبتين والأب فيليب..إلى أحضان الرب، الذي خدَمته خلالَ مسيرة حياتك في كنائسه وبالأخصّ (كاتدرائية القديس جاوارجيوس)..إلى المكان الذي ليس فيه لاحزنٌ، ولاتنهدٌ، ولاوَجَع..وليكن ذكرُك في ملكوتِ السماوات مؤبداً..
جورج شويط