الوحدة: 6-6-2022
نصائح الأمهات والجدات لا تنتهي، ولا يمكن إغفالها أو الابتعاد عنها (اسأل مجرب ولا تسأل حكيم) ودائماً ما نسألهن لتكون تجاربنا ناجحة ولا خسارة فيها خاصة في مثل هذه الأيام.
تقول لي جدتي أم يعقوب وقد شاب الرأس من كثرة ما مر عليها: إن ابنتها تسمع منها النصيحة وكنتها ترفض وتتكبر لترمي كل ما عندها من مونة بعد أن كانت قد وضعتها في الثلاجة فهذا أخف وطأة عليها ولا تعب، إن حفظ ورق العنب بالماء والملح هو أفضل الطرق وأبسطها، شرط أن تقومي بذلك في أيام (النقصة وليس الزيادة)، وهذا يتبع التقويم الشرقي لا الغربي، وهنا تكون النتيجة ناجحة 100%.
وقد سمعت من بعض الأمهات أنهن يلجأن إلى كبسها في القطرميز بالضغط وإفراغه من الهواء بعد أن يئسنا من حفظها وإفسادها في البراد بلا كهرباء.
هذا بالنسبة لورق العنب البلدي.
فاليوم ظهر ورق العنب الفرنسي لم أجربه ولا أريد، تأتي به (كنتي) وتقول أن الورق كبير ولفه أسهل بكثير من البلدي، لكني رأيته على مائدتها أسمر غامق اللون، ولم أتقبله، فهو أخف حموضة في الفم، وسعره أقل.
فالكيلو منه بين الألفين والثلاثة بينما البلدي يتجاوز الأربعة آلاف حسب سعة الورقة وسماكتها ، واليوم الكل ينقب في الأسواق عن الأقل في الأسعار ليخفف من ضرب يده في الجيب ويحفظ بعضه لجلب المزيد من الطلبات والخضار للغداء وستر الحال، بل إن بعض الزوجات قد سمعت بأنهن قمن بلف ورق التوت ولم أجرب الأمر، فشتان ما بين مذاق الاثنين، فلكل منهما خواص وقوام.
إن لف ورق العنب البلدي يليق يالزوجات وربات البيوت (المذوقات ) ولديهن طولة البال، فاليوم معظم النساء لا يجدن الأمر سهلاً لأن فيه المزيد من التعب واستهلاك الوقت، ويطلبن من حمواتهن طبخ ورق العنب عند زيارتهن مع الأزواج ويحجمن عن طلبه من أمهاتهن خوفاً عليهن من الإرهاق، ولكن الأمر عندي واحد وسواء لابنتي وكنتي وابني، فأنا أحضره من المساء، أسلق الورق وأحضر الحشوة بالرز واللحم والبهار، لا أطيقه بالرز والخضار (يالنجي) فيبدو مسلوقاً بلا طعم، أجلس على أريكتي وبجانبي كأس الشاي الذي يروق لي في ذاك الوقت مع صوت أم كلثوم، وأبدأ بلف ورق العنب بكل رواق، ولا أقوم عنها قبل أن أملأ طنجرتي الكبيرة التي تتسع لأكثر من كيلو ورق عنب التي تعجز عنها كنتي وبنات جيلها، أطبخها في اليوم التالي وقد حضرت بجانبها الصلصة التي تفيض عليها بالنكهات، قوامها الثوم وزيت الزيتون والفليفلة الحمراء، لأعزم على مائدتي أحبابي وصغاري الذين يملؤون الدار فرحاً وحياة، ولا يمكن أن أغفل عن جيراني وإطعامهم منها.
هدى سلوم