الحزن والفرح …

الوحدة 1-6-2022

 

 

عندما يكون الإنسان في قمة الفرح فإنه يلتهم كل ما تصل إليه يده من طعام ، حتى لو كان من الأصناف التي لا يحبها في العادة،و تكون كمية الأوكسجين الداخلة إلى الرئتين غنية،تجعله قادراً على لعب شوطين كاملين، بكل النشاط ، في مباراة لكرة القدم في كأس العالم . كما أنه يكون في غاية السخاء حتى لو لم يكن الكرم من شيم! ويكون لون بشرته متألقاً،وكأنه تلقى جرعة من إكسير سحري يحيل الجماد إلى كائن حي. وباختصار فإن الفرح يخلق الدافع للإقبال على الحياة،ولعل السعادة باعتبارها حلماً إنسانياً موغلاً في القدم ، ماهي في حقيقتها سوى البحث عن الفرح المفقود ومن هنا نرى أهمية هذا الشعور في تحفيز الجهاز المناعي للإنسان وقدرته على محاربة كل مظاهر المرض والعجز والفشل. وعلى الجانب الآخر هناك الحزن ، توءم الفرح وعدوه اللدود في آن معاً. فهذا الشعور البغيض له على النفس البشرية مفعول مدمر إلى أقصى درجات التدمير فمن الطبيعي أن تكون نفسية الإنسان الحزين ، وهو يعبر أزمة طاحنة ، منصرفة عن ملذات الحياة من طعام وشراب واستقرار نفسي وعاطفي ،وقد ثبت علمياً أن مشاعر الحزن كثيراً ما تؤدي إلى الوفاة.

فالصدمة العصبية التي تصيب الإنسان تشل جهازه المناعي وتخلف فوضى شديدة في نسب إفراز الهرمونات التي تعاني اضطراباً يقود إلى دمار للكائن البشري ، ولهذا فإن إصابة الإنسان بسكتة قلبية أو دماغية ، سببها خبر صاعق لوفاة عزيز ، أو خسارة مادية مدمرة،أو فشل عاطفي،وكل تلك المشاعر مصدرها هو الشعور بالحزن الذي يقود إلى الإحساس بالإحباط وعبثية الحياة ، فينهار الجهاز المناعي ، وعندها تجد الأمراض فرصتها لمهاجمته. ولهذا فإن حالات الإصابة الفورية بالفشل الكلوي وأمراض السكر والقلب وكل تلك القائمة،ما كانت لتحدث لولا تعرض الإنسان لحادث مؤلم تكون من توابعه أن يسقط هذا الإنسان فريسة للأمراض، وحالات الاكتئاب النفسي. ولكن السؤال، كيف يستطيع أن يواجه الإنسان مثل هذه الأحداث المدمرة ويخرج منها بأقل الأضرار؟

 إن الإجابة عن هذا السؤال تكمن أولاً في إيمان الإنسان بأي شيء يحدث له إنما هو اختبار له ، وأن عليه أن يلجأ إلى الله عندما تلم به الأحداث الكبيرة ، فالإنسان مهما كبر مخلوق ضعيف وهو بحاجة دائمة إلى العون من الله ، كما أن وعليه عدم الاستسلام لليأس والإحباط بل عليه أن يحول ما أصابه إلى طاقة إيجابية. فالحياة تستمر على رغم كل الظروف ،ومن يسلم قدره إلى يد اليأس والإحباط، فإن الموت هو نهايته الفورية والحتمية وعلى الإنسان أن يكون صاحب إرادة قوية وقادرة على محاربة التوتر والضعف والعجز. ومع أن الإنسان لا يستطيع خلق الفرح في أعماقه غير أنه يستطيع ، وبدعم من محبيه وأهله وأصدقائه ، أن يحارب الحزن ويدفع عن نفسه شبح السقوط والتلاشي.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار