تربية الكلاب المنزلية آخر البدع الوافدة

الوحدة 23-5-2022   

 

مفارقة جديرة بالاهتمام .. إدخال خروف صغير أو ماعز رضيع لتربية إحداها داخل منزل المدينة هي فكرة صعبة القبول قولاً واحداً، لكن دخول قط أو كلب بوبر جميل وناعم ستلاقي ترحيباً وتمنّياً واسعاً، وشتّان ما بين هذا وذاك .. يبدو أنّ مجتمعاتنا أصبحت تمتلك أرضية خصبة لتلقّي العادات والتقاليد المستوردة وأبشعها عادات التقليد بغضّ النظر عن أية حسابات أخرى ولن ندخل في تفاصيلها إن كانت سلبية أم إيجابية، ففي الآونة الأخيرة انتشرت ضمن كياننا الهَش ظاهرة تربية الكلاب ضمن المنازل وتحديداً الكلاب (الفرنجية(  بأشكال غريبة وعجيبة حتى أنّها لا تشبه الكلاب بحدّ ذاتها أحياناً، ومن خلال البحث والتمحّص والكثير من الأحيان أسئلة واستفسارات واكبت هذه الحالة انتهى المطاف إلى قناعة تامّة بأن أشياء خطيرة أخذت تمزّق أوقاتنا، دخلت في تفاصيل حياتنا الخاصّة التي أصبحت تشوبها تشوهات وانحرافات عديدة، وبالتالي أصبح من السّهل تهديم أركانه الأصيلة التي بُني عليها .. هذه البدعة كانت تلاحق (فقط) أصحاب الطبقات الراقية مادياً والتي بدورها نسجتها من مجتمعات غربية، على ما يبدو كانت غايتها أسمى مما وصلنا، إيماناً منهم (الغرب) أن تربية الحيوانات المنزلية تعمل على سحب الطاقات السلبية الكامنة ضمن نفوس تلك المجتمعات التي نالت من الرفاهية كامل بدعاتها، فكان عليها أن تجد لنفسها طُرقاً أخرى تلبّي رغباتها بالتسلية وإضاعة الوقت ونسج طاقات إيجابية فاستجارت بهذه القناعة وتربية بعض الحيوانات الأليفة، لكن أن تحلّ علينا تلك الّلعنة فهذا وضع مستهجن بكافة الأحوال لأننا على قناعة بأنّ تربية الكلاب وُجدت فقط لحراسة منازل القرى النائية من هجمات وتعديات حيوانات أخرى مؤذية، إضافة لمرافقة الرُّعاة والصيادين، وقد انتشرت هذه الحالة على نطاق واسع بين المكتفين مادياً، لكن أن تصل إلى أعتاب الفقراء ممن لا يستطيعون تربية أفراد أُسرهم بطريقة سليمة من ناحية الغذاء فهذا يدلّ على انحلال كامل لجدوى التفكير، في ظل فقرٍ مُدقع أطبق على الناس، وهذه الحيوانات هي بحاجة إلى غذاء مخصّص ولقاحات وعناية طبية خالصة كي لا تكون وبالاً مرضياً آخر يضاف إلى قائمة طويلة من الأمراض الفتّاكة التي تلاحق الجميع منذ مدة، وأصبحنا نرى إعلانات لأنواع من الهاسكي والدبرمان تتنقّل على صفحات التواصل الاجتماعي، وكذلك محلات لبيع جراويها الملقّحة بأعمار وسجلات دقيقة وألوان فريدة لتفاصيلها، يترافق ذلك أكياس طعام خاصّة بها وبحيوانات أخرى، وبالنتيجة ما هي الجدوى المرجوة من تلك البدعة، وهل أصحابها قادرون على استمراريتها في ظلّ الضيق المادي والمعاناة الجديدة من الأمراض وآخرها (جدري القرود) لنصل إلى مثل هندي يقول : احذر المياه العميقة والكلب الذي لا ينبح، وهذا يكفي.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار