حنين لزمن النقل الجميل .. ومكاري عجوز تنوء بحمولة زائدة ؟!

الوحدة 9-5-2022  

بعد مشاهد حزينة وتجارب من أرض الواقع، ساحاتها كراجات كبيرة وصغيرة في طرطوس وجبلة، ينتابنا حنين يتزايد يوماً بعد يوم إلى سنين وأيام خلت، كان المواطن حينها هو الخصم وهو الحكم، هي تداعيات لمرحلة تخصّ أمور النقل وأدواتها الكبيرة والصغيرة (تحديداً) .. تسعينات القرن الماضي وما بعدها بقليل، كانت شركات النقل العام والخاص والحكومي تتسابقان إلى كيفية إرضاء الزبون الراكب قاصداً العاصمة أو مُغادرها، حيث كان هذا الأخير يحجُز لنفسه مقعداً مستقلّاً مريحاً بين تلك الشركات على الهاتف، وبدورها مكاتب الحجز تحترم هاتفه ويبقى مكانه مثبّتاً باسمه حتى النصف ساعة الأخيرة من إقلاع المركبة، إضافة إلى ذلك جميع تلك الشركات كانت تحترم وقت المغادرة بدقّة متناهية، وعند انطلاق تلك الرحلة الطويلة تبدأ مباشرة ميّزات إرضاء الراكب وتسليته عبر مشاهدة الأفلام ممزوجة برش البارفان الملطّف وهواء التكييف، يتخلّلها وقت تقديم الضيافة من قِبل مساعد السائق، ثم مياه الشرب الّباردة التي لا تُنسى على فترات وعند الطلب، وتلك الأيام الجميلة وعِبرها ذهبت كما ذهبت سِني أعمارنا بالتقادم .. وما قادنا إلى تلك الأحلام الجميلة الغابرة هو ما يحصل على أبداننا وأبدان طلّاب – وطالبات – جامعيين مضطرين للانصياع لقرارات سائق موتور تبدو عليه لاحة قائد عربة طنبر تجرّها بهيمة محجوبة العينين، وهذا السائق (الحنون) يُلزم الجميع بالجلوس على المقاعد بأربعة ركّاب أي ممنوع الحركة باستثناء الرقبة والجمجمة حتّى الوصول (كالغنم تماماً)، علماً أنّ الغالبية من الطلاب يصطحبون أمتعة بأوزان مختلفة هي زادهم لحين العودة، وهؤلاء القادة من السائقين غير آبهين ببلوغ آلياتهم حدّ الكهولة علماً أنها مصمّمة لنقل تسعة ركّاب وفق برامج عملها الفني المتواصل، فهل بدنها القديم المتهالك قادر على تلك الحمولة باستمرار ؟ أي كسرٍ أو عطب بأحد عظامها أو مقصّاتها السفلية أو إطاراتها هو بمثابة كارثة حقيقية بغضّ النظر عن السرعة الزائدة التي تتحكّم بها أقدام ذلك الموتور، خاصّة إذا كانت تجلس جانبه فتاتين أو ثلاث فتتوالى قِصص الاستعراض، مع سماع أغانٍ تبدأ ب (جنّو نطو وتنتهي بعرب الشينينة) .. فمن المعلوم أنّ المجتمعات تعيش على التطوّر والتقدّم الكلّي، لذلك وقع الحنين والعودة إلى زمن (الهوب هوب !) حتى ولو كانت مبرراتنا موجودة بعدم القدرة على مواكبة الحداثة من حرب وحصار وعقوبات تقف بوجه ذلك، فعلى الأقل احترام إنسانية الإنسان في اتباع الأسس السليمة للحياة الطبيعية التي نشأنا عليها، والقيام بعمل جماعي من قبل المعنيين والمواطن وإلزام هؤلاء باحترام أساليب وقيم التعامل وخاصّة أنّ هناك أجيالاً فاتها الكثير من عِبر الحياة الحقيقية وأساليبها الصحيحة.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار