الوحدة 9-5-2022
بنظرة يملؤها العتب، يرمق مدرس الرياضيات، في مدرسة عماد الدين ديب الإعدادية، طالباَ تلكأ في حل مسألة رياضات متبعاَ طريقاَ طويلاَ متعرجاَ على سبورة الصف، عكس ما علمه أستاذ الحصة باتباع أسلوب الاختزال والبساطة المعهودة في هذه المادة المعقدة لطلاب الحفظ البصم، ما أوحى أن الطالب يتعاطى الدروس الخصوصية في المنزل. يتلعثم مدرس الحصة بكلمات واقفة في حنجرته، كمن يتعثر بحجر طريق قبل أن تنبت شفتاه بكلام حزين وجهه لطالب السبورة أولاَ وللبقية الجالسين إلى مقاعدهم (أنا بشو مقصر معكم , حتى تضعوا مدرسين خصوصيين في منازلكم). الأستاذ المعروف بروح الفكاهة ينقل عنه طلابه بتحبب عبارته الشهيرة بلهجته الرقاوية (فهمتوو . . ها . . صعبة)، كان قد لجأ لأكثر من طريقة لجذب طلابه للشرح وعدم تشتيت انتباههم عنه بالشرود وغيره. هذا يجري في مدرسة حكومية لا بمعهد أو مدرسة خاصة، الطالب المهتم يلتقط ثمار معرفته حيث تذروها رياح حظه. سؤال مدرس الرياضيات حمل الإجابة في متنه لينطلق لعالم أكبر اسمه هيستيريا (الدرس الخصوصي)، ثقافة انتقلت بالعدوى حتى شكلت فوبيا ترهب كل طالب يقع بين نارين لا يمشي في ركبها. الدولة لم تتخل عن رعايتها الأبوية للتعليم، تفتتح المزيد من المدارس وتتبنى مئات الآلاف من الطلاب سنوياَ يجلسون إلى مقاعدهم، ترسل مدرسيها غرارة ما إن يشتد عودهم حتى يهجرونها إلى الضرة المرة. في الظل يسير إلى جانب التعليم العام بخط مواز كائن هجين اسمه الدرس الخصوصي مكملاَ له، ولا يصلح أن يكون بديلاَ عنه لكنه مفضل عليه كبنتي الست والجارية، متسلق عليه ينتاش منه وينمو على حسابه. عجباَ كيف لمن يشرب من بئر العام ويتف في دلوه، نشكو وجع الدروس الخصوصية ونرمي أموالنا في جيوب مدرسيها بمقارنة غريبة أن مدرس الحصة قد يكون هو نفسه مدرس المنزل.
خديجة معلا