الوحدة : 22-4-2022
أيام الزمن الجميل البعيد عن التصنّع، كانت أغلب العوائل السورية وتحديداً في الأرياف تمارس مهنة تربية المواشي وغالبيتها من الأبقار ممزوجة ببعض رؤوس الخراف والماعز بهدف التسمين والمتاجرة، لكن اللافت الآن هو ابتعاد قسم كبير من هؤلاء عن تلك المهنة الفريدة التي تعدّ من أهم المشاريع الرابحة على المدى القريب، فقد كانت حججهم الواهية موجودة وهي التكاليف الباهظة التي طالت هذه المهنة، سواء من خلال ارتفاع أسعار علفها أم لقاحاتها الإنجابية والمرضية، لكن النزوح من القرى وقصّة التمدّن والاستكبار الذي أصاب جلّ أريافنا بغية الدخول بمجالات أخرى تدرّ الربح السريع هي التي أعاقت هذا الأمر، ولم تكتفِ بذلك فقد هجرت حتى الزراعات المنزلية التي تُنجي أهل الريف من العوز والفقر. وللتذكير فقط، ففي ثمانينيات القرن المنصرم، كان هناك حِصار مطبق على جميع المقدّرات، وكان أغلب سكان القرى يعتمدون على تربية المواشي والّلقاحات بأنواعها كانت في غياهب الوجود، لكن الأمر متروك لرب العائلة وهو عبارة عن حكومة صغيرة يتحكّم بتدبير أمور كل شيئ يتعلق بالزراعة وما تُنتج عبر دراسة متأنّية، ويقع على عاتقه تنظيم أمور الزراعات التي تخلّف الأعلاف بعد حصاد الموسم من قمح وشعير وعدس وحتى الفول الأخصر، جميع بقاياهم هي علف طبيعي لتلك الماشية، حيث تكتفي به طيلة أيام الحبس الشتوي مع بعض الشعير عداك عن المرعى الطبيعي أثناء الربيع، والقيام حتى بتيبيس الأعشاب الربيعية المتنوعة فتكون كذلك بمثابة رصيد حقيقي للأبقار وغذاء ملكي لإدرار الحليب بجودة عالية، مع العلم أن الحكومة تقوم دائماً بدعم هذا النوع من التربية، حيث قامت مراراً بشراء أبقار وبكاكير ألمانية ملقّحة وقدّمتها بأسعار منخفّضة للفلاحين بغية إعادة إحياء هذا النوع من المشاريع الصغيرة . وحول هذا الموضوع أكد د. أحمد ليلا، رئيس قسم الثروة الحيوانية في مديرية زراعة اللاذقية : أن المديرية تولي اهتماماً كبيراً وتشجّع المربين على هذه المهنة من خلال جولات على مربي قطعان الأبقار ومساعدتهم وتطعيم أبقارهم ضد الأمراض السارية كداء الجلد الكتيل الذي أتى على الكثير من رؤوس الأبقار، وأضاف د. ليلا : أن ضعف المراعي وتضاؤل حجمها أدى إلى عزوف الكثير من العائلات عن التربية الفردية للأبقار إضافة إلى ارتفاع التكاليف من علف ووقود والتقنين الكهربائي الذي أضرّ بعملية تبريد الحليب وحفظه.
سليمان حسين