الوحدة 2-4-2022
تهب علينا نسائم رمضان العذبة معلنة قدوم أيام مباركة نورانية.
رمضان فرصة ذهبية للتصالح مع أنفسنا ، فلنخرج بذوات طاهرة صافية كأنها ولدت من جديد ، ولنستخلص إنسانيتنا التي فقدت منذ زمن.
شهر رمضان أهم محطة يمكن لنا فيها إدراك مكامن العطب في ذواتنا ، التي تفتقد التناغم في جوهرها وظاهرها ، فلنغن الجانب الروحي ولنكتشف العمق الأخلاقي الذي أودع فينا ، فالابتعاد عن إشباع الجانب المادي رغم أهميته ، يسهل من سبر أغوار النفس والتعرف على مكنوناتها العظيمة ، الحياة ليست مادة فقط بل مشاعر وأحاسيس وروحانية.
فكم من عادة سيئة يصعب التخلص منها ، إلا أنه في رمضان يسهل ذلك ، فهو شهر الصقل والترويض للنفس ، ورفع درجات التحمل إلى مستويات عليا ، مما يخلق لدينا قوة وحالة روحانية من المستوى الرفيع.
وإن كان شهر رمضان شهراً واحداً إلا أن نتاج الصبر عن المعاصي به يمتد طويلاً ويعود علينا بالمنافع التي تفضي إلى توازن نفسي وامتلاك صحة جسدية وعقلية جيدة كما تؤكد جميع الدراسات العلمية ، وبه ننقي نفوسنا من عوالق الذنوب والشهوات ، وبه نصارح نفوسنا حول ما صدر منها ؟ وعن ماذا قدمت للآخرين ؟ وهل تتجلى في نفوسنا روح البذل والعطاء والمحبة ؟ أم سنبقى أجساداً معطوبة أخلاقياً وقيمياً ؟ مليئة بالشهوات والأنانية ، نقول ما لانفعل ونمتطي الشعارات المزركشة بالاستعراضات المقنعة وسلوكنا مغاير ، مشبعين بالنفاق واصطناع المثالية.
إنه شهر تربية النفس على الصمود في وجه الآثام ، وتقويم لإعوجاج الألسن والفكر ، وواقعنا يظهر نقيض ذلك ، لأن الكثيرين يجعلون شهر رمضان ليلاً خاصاً للأكل والشرب والسهر لحضور البرامج الرمضانية الهابطة والمسلسلات السطحية المصدرة للقيم الدخيلة على مجتمعاتنا ، ويخصصه البعض للنوم الطويل نهاراً أو الخمول والتخلف عن العمل وفقد الأعصاب عند التعامل مع الآخرين ، وكأنه موسم السبات ، وبه تستعر الأسعار ويزداد الاستغلال ، وهذا انحراف صارخ عن حكمة هذا الشهر الفضيل ، وانحياز عن فلسفة الصوم.
إننا نعيش مأزق الاغتراب عن أنفسنا ، فلنعمل للقضاء على رواسب ووساوس الشيطان فينا ، وتهذيب نوازع الشر الموجودة في دواخلنا ، إنه جهاد حقيقي فلنكن على مستوى هذا الجهاد.
تيماء عزيز نصار