أندومــي وشيبـــس على أبــــواب المــــــدارس والأهــل ممتعضــــون

العدد: 9319

25-3-2019

على أبواب المدرسة تجمهروا بفارغ الصبر، فقد حان موعد انصراف الطلاب (اسمعوا.. اسمعوا.. جرس يرن في أذني يطن دين دان دون.. تكة)، يسارع الأولاد نحو الباب الذي فتح على مصراعيه، وقد انفكّ عنهم قيد الدوام، ليخرجوا أفواجاً وأرتالا، والكلّ قد توجه للعربات التي انصبّ أصحابها في تلبية رغباتهم الصغيرة بكل لون ونكهة، الفول والذرة والآن الأندومي والشيبس وبعض البسكويت، لكن ما يثير الدهشة والعجب اندفاع الأولاد لبائع الأندومي الذي غرفها من وعاء كبير ووضعها لهم بأكواب بلاستيكية لغمت بملوثات وأمراض، والطفل لا ينتبه لغير أكلة يحبها في يده .
الطفلة غنى صف رابع، أشارت إلى أنها تشتري كأس أندومي أو كيس بطاطا كل يوم فهي شهية وأطيب من كل المشتريات، حيث تجد هي ورفاقها كل شيء خارج أسوار المدرسة حتى سندويش الفلافل والبوظة، لكنها تشتري في أكثر الأحيان أندومي، فهي ساخنة تشعرها بالدفء بالشتاء، تدفع 50 ليرة على ماء كثير وبضع حبيبات صغيرة منها في قعر الكأس.
أما رفيقتها أليسار فلا تشتري الأطعمة المكشوفة، فأمها تلومها إن اشترت الأندومي أو الفول، ولطالما أكدت عليها أن تشتري الشيبس أو البسكويت المغلف، لهذا تفضل الشيبس ،فأمها لا تستطيع أن تعطيها أكثر من مئة ليرة نصفها لأجل كيس بطاطا آخر لأخيها الصغير الذي ينتظرها في البيت.
السيد ماهر_ إنها معادلة يصعب حلها، الأستاذ لا يهمه ما يشتري الأولاد ولا يتدخل في الأمر، كما أن شكوانا فيها قطع أرزاق، أما الأولاد فهم غير قادرين بأن يقاوموا رغباتهم، ونحن لا يسعنا أن نرفض لهم أمراً، رفاقهم جميعاً يتباهون بما بين أيديهم وما يشترونه كل يوم، فترينهم كلما أردنا إحجامهم عن شيء ضار، وإقناعهم بما إليه يصار وأضفنا أن لا قدرة لنا اليوم على المصروف الكبير صرخ كل منهم رفيقي يأخذ أضعاف مصروفي، ويشتري الشيبس والأندومي ،وحتى (الثلاجة) فماذا نفعل وهم يرموننا بالعجز والتقصير لننسى ما يأكلونه على أبواب المدرسة وما يحضرونه معهم للبيت، لا نود كسر خاطرهم في هذا الزمن الموجع، حيث يجلسون على التلفاز لتتكوم أكياس البطاطا حولهم ولا يعلمون كم كيس هضموا؟ وقد باتت من قائمة مشتريات مونة الشهر، وبالكرتونة أجلبها لتطبخها والدتهم وفي أكثر الأحيان عنها يحجمون، ويقولون: أندومي أبو محمود أطيب، فمن أين لنا الحل؟
أم حلا_ صغيرتي ترفض أن تأخذ معها السندويش أو أي شيء من البيت، وتنادي أن أعطيها المصروف لتشتري الأندومي، حتى بعد عودتها لا تأكل شيئاً فقد أحضرت معها كيس شيبس بطعم الكتشب وأراها تأكله بنهم_ أريد إسعادها ولا أحب أن أرفض لها طلباً_ جلبت لها من السوق البطاطا الجافة وقليتها في البيت لتنفش وتصير ضعفاً في الصحن لكنها رفضتها لتدعي بأنها غير لذيذة ومليئة بالزيت.
السيدة أمل نطقت زفرة وما في قلبها من غصة فقالت: كلّ ما يحيط بنا ملوثٌ وجراثيم وأوساخ، الحامي الله- ماذا أفعل أنا وكل يوم أنبّه أولادي الثلاث ألا يشتروا شيئاً من المدرسة، لكنهم لا يسمعون ويردّون عليّ بأن كلّ رفاقهم يشترونها، هل تريدين أن تحرمينا من المصروف وهو قليل، تعطي كل منا خمسين ليرة ولا تكفي لغير كوب أندومي أو كيس شيبس، ورفاقنا يكون معهم مئة ليرة وأكثر، فهم يستطيعون أن يشتروا ما يشتهون)، و أرد عليهم اشتروا غيرها، وسأحضرها لكم في البيت كل يوم، يوافقون شرط أن أزيد مصروفهم ليأكلوا صحن فول أو كوب عصير و(يا ساتر يا رب) من كل البائعين جميعهم ليس عندهم أدنى درجات النظافة، فقد رأيتهم جميعاً وكلّ هؤلاء البائعين ولو مسحوا سطح العربة ،فإن الممسحة قذرة والماء عكر في سطل شكله رهيب، والبائع يغسل فيه يديه شطارة منه ومعلناً بأنه نظيف، ولكن إن توقفنا قليلاً وأمعنا النظر نرى أنه لا يبيع على العربة غير شقي وفقير، وبالكاد يؤمن حاجات الصنعة ومعداتها بأرخص الأثمان، ليكون في بيع صنيعها ومنتجها بعض الرزق وقميص عيش مستور، فكيف لي أن أصدّ أولادي عنهم؟ أليس للمدرسة أي دور؟ أين الرقابة وأولو النظافة؟ لا أسألهم قطع عيش هؤلاء الباعة لكني أوصيهم بالابتعاد عن مدارس الأطفال والذي مرضهم فيه لنا بلاء.
لدى سؤالنا أصحاب شأن في علم النفس أجمعوا على أن السؤال بما يحتويه هنا يرمى به على المشرف الصحي ومدير المدرسة والمسؤول عن الندوة ومديرية التموين، ومدير المدرسة يحق له أن يراقب ويشرف على عمل الندوة في المدرسة، وأي خلل يتم الإبلاغ عنه لمديرية الصحة والتموين لاتخاذ الإجراءات اللازمة لقمع المخالفة إذا وجدت، وما يخصّ أي مدرسة، فمن المعلوم أنه لا يسمح أبداً بإخراج أي طالب من المدرسة إلا بموافقة ذوي الطالب وحضورهم تحت طائلة المسؤولية .
أما بالنسبة للباعة خارج المدرسة ضمن أوقات الدوام المدرسي يمكن للمدير إعلام رئيس البلدية أو المختار لإجراء مناسب ، أما إذا رأينا الأولاد يشترون من الباعة خارج المدرسة لا يحق لنا أي موقف أو إجراء عليهم، والمسؤولية جميعها تنهال على عاتق الأهل، لتبليغ من يرونه مناسباً .وأشاروا إلى عمل يملى عليهم فقالوا: عمل المشرف الصحيّ بالتوازي مع عمل المرشد النفسي أو الاجتماعي في المدرسة يمكن أن يقوموا بإجراء درس توجيه جمعيّ للطلاب داخل الصف لتوعيتهم ونصحهم وإرشادهم لمدى خطورة الأطعمة المكشوفة وتلوثها في ظل أوبئة كثيرة تمرضه، وهي غير مراقبة من قبل مديرية الصحة ، وفي حال وجود هذه الحالة يجب إبلاغ الجهات المعنية (الصحة، التربية، التموين)
تشير دراسات علوم التغذية أن أكثر من 50% من الأطفال يستهلك الواحد منهم كيساً واحداً على الأقل من الشيبس يومياً، والخطورة تكمن في إضافة كميات كبيرة من المواد الحافظة إلى الشيبس وغيرها من الملونات والأملاح والسكريات، كما أن مخاطره التي تتعدى السمنة وعسر الهضم والتسمم في بعض الأحيان، تتعمق عندما يترافق مع تناوله المشروبات الغازية أو العصائر عالية الحلاوة، وقد أكدت الدراسات أن رقائقها تحتوي على مادة الأكريلاميد وهي مادة كيميائية.

هدى سلوم 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار