النسيان المبكر عند الشباب بين النعمة والنقمة…!

الوحدة: 27-3-2022

أغلبنا يستحوذ على تفكيره جعب مختلفة من الهموم الحياتية و المعيشية التي باتت الشغل الشاغل في كيفية تخطيها وإيجاد حلول لها بهدف تأمين متطلبات وحاجيات أسرنا اليومية، الأمر الذي أصبح يشكل ضغوطات نفسية وفكرية علينا جميعاً دون استثناء وخاصة فئة الشباب، حيث بدأت علائم قساوة المعيشة ونتائجها السلبية تترك بصماتها في سلوكياتهم بصور وردود فعل لافتة انتقينا أهمها منها :

(ظاهرة النسيان) غير الطبيعية لدى أغلب الأشخاص وفي سن مبكر يسبق سن الشيخوخة أو المتعارف عليه بالعامية (الخرف)، فهل أصبح الخرف المبكر ظاهرة مألوفة نتيجة معاناة أغلبنا من صعوبات الحياة وغلاء المعيشة بكيفية تأمين لقمة العيش ؟.

أم أن انغماس الجميع في مطبات البحث عن سبل الاستمرار ومجابهة الظروف جعلنا ننسى خطورة هذه الظاهرة دون التحري عن أسبابها ومدى تأثيرها السلبي على المجتمع كلياً.

حول موضوعنا هذا أفادنا الطبيب المختص بالأمراض الداخلية الدكتور فايز وصفي شحرور قائلاً :

 النسيان هو فقد جزئي أو كلي لتذكر الأحداث التي وقعت خلال الفترات السابقة كما أن حدوث أي ضرر في الدماغ يمكن أن يسبب فقدان ذاكرة ومدى استمرار هذا الفقد يعتمد على شدة الضرر الذي سببه مشيراً إلى أهم الأسباب منها: –  سوء التغدية و خاصة نقص الفيتامينات -الحديد -الفوليك أسيد -الأحماض الأمينية.

 – رضوض الرأس و بالتالي حدوث السكتات الدماغية

–  الإدمان على الكحول والتدخين يؤثران على عدة مناطق في الدماغ أهمها منطقة الحصين وماتسببه من تلف في الأعصاب.

 – الاستخدام المطول لبعض الأدوية كمضادات الاكتئاب والمهدئات ومرخيات العضلات التي تسبب مشاكل في الذاكرة خاصة لدى كبار السن .

وعن طرق العلاج الصحية التي يجب اتباعها لتقوية الذاكرة وتجاوز خطورة النسيان الذي قد يصيب الأشخاص في سن مبكر، أجاب د. شحرور :

لابد أولاً من البحث عن السبب الرئيسي لعلاجه كتجنب التناول المفرط للكحول واستشارة الطبيب المختص لدى تناول الأدوية النفسية والعصبية منوهاً إلى أهم الفيتامينات التي يمكن تناولها لتقوية الذاكرة : B12 ,B6,B1,B2 ,D , C أوميغا 3 الظروف الاجتماعية والنسيان المبكر :

من جانب آخر اختصاصية علم الاجتماع الأستاذة نهلة خضيرة ترى أن النسيان غير الطبيعي تسببه ظروف عدة منها الحروب ومخلفاتها كالفقد للكثير من الأحباب والأهل والأصدقاء من خلال ( الموت أو الهجرة وغيره…) كل ذلك يجعل القدرة على رؤية الأهداف مشوشة والقلق مرافق لكل هدف أو حلم إذ أن الضبابية والمجهول هما المسيطران على حياة الشباب؛ ومعهما لايتوفر أي تركيز.

العزلة وتأثيرها السلبي على الذاكرة :

وأكدت خضيرة : أن الأزمات النفسية المرافقة لأحداث الحروب ومتغيرات الظروف الحياتية تشكل ضغطاً كبيراً على أذهان الشباب، مما يستدعي فقدان الاهتمام بكل ما يحيط بهم نتيجة غياب الحلول لمشاكلهم و انعدام الثقة بالغد ، وبالتالي يصبح النسيان شكلاً من أشكال مواجهة تلك المتغيرات وهذا الخيار لا إرادي، موضحة أن العزلة عن المجتمع التي يلجأ إليها الشباب أحياناً بهدف الهروب من الضغوطات والعوائق قد تكون علاجاً لهم، ولكن تبدأ خطورتها عندما تصبح نمط حياة لا إرادي، وحينها ستظهر آثارها السلبية بصور مختلفة أبرزها النسيان وخاصة في حالات الانطوائية وعدم تقبل الآخر، وتشير الأستاذة نهلة إلى أهمية توفر جهات رسمية وأهلية ترصد دور الشباب وتفعله في مجالات حيوية مختلفة بهدف زجهم في العمل والإنجاز لغاية تحقيق أهدافهم من خلال المردود المادي الذي يحصلون عليه مقابل العمل المنتج والمأجور.

رأي المحرر :

مما لاشك فيه أن الظروف الاجتماعية والمعيشية تطبع تأثيراتها ببصمات سلبية مربكة في مضامين الأشخاص النفسية والذهنية، إلا أن البقاء على تكريس التفكير في الهموم ومشاكل الحياة دون محاولة تخطيها قد يودي بالأشخاص والمجتمعات نحو الهاوية نتيجة أوهان نفسية سببتها الواقعة التي حلت بهم كالنسيان المبكر الذي لوحظ مؤخراً وبكثرة عند فئة الشباب، والحلول هنا تقع على عاتق الجميع الأهل والأسرة والمجتمع والمعنيين المختصين بهذه الفئة التي من المفروض التركيز عليها كونها اليد الفتية القادرة على النهوض بمجتمعاتها في حال تم مد يد العون لها والوقوف إلى جانبها وبالتالي التغلب على نقمة الظروف التي أسقطت ذاكرتهم سهواً.

جراح عدره

تصفح المزيد..
آخر الأخبار