أم حاتم… زيتونة مباركة العطاء

الوحدة: 21-3-2022

تعجز الحروف والكلمات عن وصف مشاعر وقوة الأم فكيف وإن خصها الله بما يميزها ويجعلها لشجرة باسقة تتحدى، امرأة دخلت مواسم خريف العمر ..لكنها بدت أكبر بكثير مما هي عليه.. إنها أم لثلاثة شهداء ورابعهم بحكم الشهيد فهو مقعدٌ ولا يستطيع الحراك .. هو الشهيد الحي الذي لا فرق بينه وبين باقي الشهداء.. السيدة – حياة أم حاتم – من قرية ( البصة) المرأة التي وزعت حواسها الخمس .. مابين الأرض والسماء ، وبقيت كمثل تلك الشجرة المباركة ، جذورها تمتد لصحوة تلك الثورات المباركة في ذلك الزمن المبارك .

كانت عيناها تأكل عقرب الثواني .. وهي تنتظر أن يأتي أحد أربعة من أركان بيتها ووجودها…. لتستقبله استقبال الأبطال الميامين ..لتسرد له عند المساء قصة ألف ليلة وليلة أو قصة ليلى والذئب حيث تعود به إلى زمن الطفولة والبراءة.

أم حاتم تلك المرأة المناضلة .. المكافخة .. المضحية .. المتبرعة بقلبها وكبدها .. وروحها .. وعقلها .. للوطن ..لكرامة الوطن .. وعزة الوطن .. وصمود الوطن .

هي خنساء من خنساوات الوطن العربي السوري الذي قدم قرباناً للكرامة والعزة والمجد الكثير من الشهداء. وأم حاتم قدمت أغلى ما تملك ..كرمى لعين الوطن .. لم تستسلم ولم تُهزم ..بل باركت لنفسها ولقريباتها وأقربائها.

فإلى يومنا هذا وهي تواكب الحدث وكأنها لم تتغير أمامها تلك العقارب ولا حتى الزمن بل ازدادت إصراراً على العطاء والدعاء فكانت كلما زفت القرية شهيداً أول من يستقبله لترسل معه أربع شهقات وشهداً من الدموع ودعاء الكروان وصلاة للغائبين .. هي كما باقي الأمهات .. طاهرات القلب .. أنجبنّ القديسين الذين نشروا رسالة الله على الأرض رسالة المحبة والسلام .. تمر الأيام مسرعة ..أمام أعين تلك المجاهدة لتخطف زوجها الذي أصيب بنوبات قلبية عدة وهو الذي كان ضابطاً في صفوف الحيش العربي السوري يقاتل مع أحد أبنائه حنباً إلى جنب في أعتى الجبهات وأشدها خطورةً وبلاء إلى أن أوقفه وضعه الصحي الحرج وخرج من دون رغبته ليتابع كغيره من الضباط الأشراف كل المستجدات وليشحذ عزيمته ويزيد كبرياءه ويزودها بالمواعظ والحكمة والرجولة .

ارتقى أبو حاتم كما يرتقي الأبطال النجباء واستوى بين أربعة قناديل .

وبقيت تلك الزيتونة المباركة تظلل رفات أسرة بأكملها ، تصلي لهم وتروي لهم كل يوم حكاية انتصار .

وزمن تزكى من نجيعهم، قادم من نورهم ليوقظ الحياة من جديد.

معينة أحمد جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار