الوحدة 20-3-2022
أقامت جمعية العاديات باللاذقية ندوة حوارية حول أعمال الفنانة التشكيلية ليلى نصير تكريماً لمسيرتها التشكيلية الخصبة، قدمها الفنان والباحث التشكيلي حسين صقور (رئيس مكتب المعارض والصالات) ، أدارت الندوة السيدة إيفيت الحلو وذلك في مقر الجمعية ، وقد تواءمت الندوة مع مخيلة المستمعين من الجمهور بما قدمته من ذخيرة فنية وبصمة إبداعية لأعمال الفنانة.
( الوحدة) حضرت الفعالية ومن أجوائها نقتطف بعضاً مما قاله الفنان والباحث التشكيلي حسين صقور عن الفنانة المبدعة ليلی نصير : هي أول أنثى رفرفت بجناحي التشكيل ومهدت عبره الطريق لمثيلاتها للرسم في المقاهي والخانات وبين الناس وعلى أرصفة الطرقات فصار الفن غايتها و كفايتها، عشقته وأنجبت منه المزيد من اللوحات بحجم ألمها المبدع وبحجم التطلعات وكان لها الفضل على الكثير من الفنانين والفنانات فكانت بحق هي الأم.
الفنانة ليلى نصير التي كما يبدو لي أنها نشأت في زمن كل الأعمال فيه تنسب إلى الرجولة التي فرضتها الحياة عليها فترعرع في داخلها عشقٌ وشوق إليها ويؤكد ما أقوله ذاك النمط الذكوري لتكوينات طولانية صامتة تعكس تعابير صارمة وحادة وقادرة على سبر أغوار الألم الإنساني والحتمي في صراع البقاء وجدلية – أكون أو لا أكون – وهنا يصير الألم عندها زاداً يتوزع على ضفتي الطريق تتغذى منه ليلى قبل أن تغذي فيه أعمالها، وتلك هي أقصى حدود المصداقية والعطاء حين تصير شهيدة للفن تختبر بروحها وجسدها عذابات الإنسان ثم تعطي في سخاء ليلى نصير وعبر تنظيم وتخطيط مسبق للعمل استطاعت توظيف الباستيل بكل إمكاناته لخلق عمل يشبهها كما يشبه وجهاً ينتمي إلى الجذور وإلى الحضارات القديمة والفراعنة، ويبدو أن ذاكرتها لازالت متقدة .. تحن إلى أيام الدراسة وإلى ملامح على ضفاف النيل أو إلى جوار خوفو والأهرامات أو عند قاعدة الحارس القائم و الأبدي أبي الهول تراقب شاخصة كل ما سيعقبها من حضارات وهي لا تزال تجمع بين الذكورة في ملامحها الحادة والطولانية والأنوثة في حركاتها الحانية والتعبيرية وفي رقتها وشفافيتها عبر درجات متناهية في الفتاحة من بنفسجيات ورماديات تعكس إحساساً ضبابياً، وكأننا نرى ذاك النظام الهندسي والكوني ومن خلف زجاج نافذة في الخلفية وهي تقيم عملها وفق ثنائيات متجاورة تتشابك وتتشابه عبر حركات الأيدي والأكف أعلى الرأس في أحيان وأسفل الصدر في أخرى كما قول أو حكمة موجهة تلخصها لأجيال تعتبر مأخوذة بقوة وسحر التعبير .
في أعمال ليلى يبدو أن لكل عمل قصة وهي بالمجمل تخدم الدراما والتعبير والحب، أما في قصة الحمل نجد المرأة تتربع على عرش الوطن فهي الوطن وهي الأم الساهرة على أوجاع أبنائها وأتراحهم وهي الحبلى والحامل لهمومه وهمومهم وهنا نراها تحتضن صورته مؤكدة أن الحب هو القيمة الوحيدة والخالدة في الإنسان. وهي لا تتوانى عن وضع إحدى مكونات العمل في اتجاه أفقي يمتد بنفس الروح ويكسر نظامها الشاقولي في محاولة للتنويع والخروج عن المألوف.
وأخيراً : لا يمكن أن ننهي قبل أن نمر على أعمال فتحت أفقاً أوسع لليلى في مجال التكنيك وذلك حين اعتمدت الألوان السائلة والزيت إلى جوار الباستيل لتشدك عبر مزاوجة بصرية إلى مزيد من التأمل في شكل يخفي أشكالاً وتصير القراءة بألف احتمال.
رفيدة يونس أحمد