الفنانة ريم نبيعة .. الفن بكافة أشكاله .. هو أجمل وأبلغ لغة للحوار

الوحدة: 20-3-2022

اجتهدت الفنانة ريم نبيعة ليكون المسرح عالمها الكبير ومحيطها النابض بالحياة والأحاسيس المفعمة بالمشاعر الإنسانية المرتبطة بحالات وجدانية تجسدها على خشبته ليس كأداءٍ متقن فقط بل كحالة تفيض حباً وشغفاً لتثبت حضورها على منصته وتقنع جمهور صالاته بأنها فنانة جادة في امتلاك أبجدياته وخفايا كواليسه، وهذا ما يؤكد شموليتها لكل المجالات الفنية وامتلاكها أدواتها المسرحية بكل جدارة.. كيف لا ؟ والمسرح – بنظر الكثيرين – هو الاختبار الأول لأي فنان فإذا أثبت حضوره على خشبته يستطيع أن يكون حاضراً في أي عمل فني آخر مهما كان هذا الفن .

والفنانة ريم نبيعة ، لا تخفي هذا الحضور الواسع للمسرح في حياتها ، فقد قالت عنه : “المسرح وطني الصغير وعندما أغادره أغادر ذاتي، من يعمل على خشبته ويتنفس عبقه يدرك جيداً العلاقة الروحية التي تربطه بأبي الفنون، أما بالنسبة لمسرح الطفل فله في قلبي الحصة الأكبر، فأي عمل مسرحي موجه للأطفال يتطلب مني جهداً ثلاثي الأبعاد” .

 ولطالما وجهت الفنانة ريم اهتمامها في هذا المجال من خلال تبنيها لمجموعة من الأطفال في جمعية “أرسم حلمي” لتهيئتهم مسرحياً وفنياً (الوحدة) التقت الفنانة ريم نبيعة لتحدثنا عن تجربتها مع المسرح عموماً ومسرح الطفل بشكل خاص وكذلك عن أهم المحطات في مسيرتها الفنية، فكان الحوار الآتي :

 * حبذا لو تعطينا لمحة عن بطاقتك الشخصية والفنية.

 – ريم نبيعة ( لينا نبيعة) مواليد دمشق / بنت اللاذقية/ خريجة دبلوم تربية وعلم نفس من جامعة دمشق / تم تعييني بوزارة الثقافة مديرية المسارح والموسيقا بصفة ممثلة ، متزوجة من المخرج والممثل فايز صبوح ولدي شام وحمزة.. رصيدي المسرحي ما يقارب/ 25 / عملاً مسرحياً، حيث بدأت العمل بالمسرح سنة 1997 ومنذ أربع سنوات أقوم بتدريب أطفال جمعية أرسم حلمي الفنية فنون المسرح.

 * في مشوارك الفني محطات مشرقة.. كيف تقيّمين كل مرحلة منها؟

–  مشوار الفن هو طريق معبد بالمصاعب اللذيذة فيجب على قاصده أن يكون لين العريكة يتحلى بالصبر والروح المرحة. يقول برناردشو :” الفن هو رؤية شيء من روحك أمامك ” ما قصدته أن كل عمل فني قمت به يحمل جانباً مشرقاً وجانباً خفياً متعباً جداً أو فيه الكثير من الإخفاق وبكلا الحالتين هناك نوع من السعادة التي لا أستطيع التعبير عنها بالكلام . فكل ظهور لي على خشبة المسرح بمثابة حياة جديدة من الدهشة.

 * فنانة متعددة الميول لكننا نجد المسرح في قائمة أولوياتك فما هي علاقتك به على الرغم من عدم تحقيقه للانتشارية الواسعة والشهرة التي تستحقينها كموهبة متميزة؟

–  المسرح هو شرفتي التي تطل على حديقة روحي الخلفية المسرح خلق وإبداع وهذا ما جعلني باقية حتى اللحظة أجاهد على خشبته .فالعمل في المسرح بهذه الظروف السيئة جهاد في سبيل الله حقيقة وأنا أبحث عن شيء ثابت باقٍ لي ولأولادي فالمسرح له ذكر طيب وأصيل كيف لا وهو أبو الفنون ؟ أنا أعرف تماماً ماذا أفعل وكيف أبني للمستقبل.

 * لك محاولات في الكتابة الصحفية ، فهل فكرت بالاتجاه إلى كتابة النصوص المسرحية والتلفزيونية والسينمائية؟

–  الكتابة كما المسرح فهي حالة استمرار فأنا أكتب كي أبقى على قيد الأمل الحياة موحشة جداً بلا كتابة .الكتابة بالنسبة لي طقس أو مزاج وهي ليست مهنتي .كان لي محاولات في مجال النصوص المسرحية أما الدراما لم يخطر ببالي فأنا لا أجيد الحبكة وخلق حوار من فراغ.

 * تجربتك مع مسرح الطفل لها بصمات واضحة وأثرها الذي انعكس إيجاباً على الحركة المسرحية الطفلية في المحافظة.. فما هي أهم المراحل في مسيرتك الغنية بهذا المجال؟

–  مسرح الطفل هو عالم مليء بالدهشة والمتعة .أن تعمل للطفل هذا يعني أن تذهب لعوالمه السحريةو تصبح طفلاً أكثر منه ، ولكن دون أن تفلت منك زمام الأمور .عملت لمسرح الطفل ما يقارب الـ / 10 / أعمال للمسرح القومي وكل عمل كان له تجربته الخاصة وروح صانعيه .حاولت إيجاد لغة فنية مشتركة بيني وبين الأطفال من خلال حوار بصري غني بالألوان والإضاءة والأزياء .كان الصدق بالأداء مفاتيح ولوجي لعوالم الطفل وأتمنى أن أكون نجحت بذلك ومنذ أربع سنوات قررنا أنا والفنانة هيام سلمان – رئيسة جمعية أرسم حلمي الفنية – أن اقوم بتدريب أطفال الجمعية على فن المسرح وقدمنا عملين على خشبة المسرح في دار الأسد للثقافة ضمن مهرجان أرسم حلمي السنوي وأعتبرها من أهم التجارب في حياتي الفنية رغم صعوبتها فأن تكون ممثلاً لمسرح الطفل يختلف تماماً عن أن تكون مدرباً للأطفال ليكونوا على خشبة المسرح . كما عملت في دراما الأطفال ..مسلسل ” حكايا العم ..ومسلسل” عالم غرناس”  .

  * كفنانة تعاملت مع أطفال مشاركين ومتلقين للفن، وكأم مربية لأطفالك، برأيك هل يمكن إقناع هذا الجيل بأن الفن بكل أنواعه يمكنه أن يواكب واقعهم ويطرح مشكلاتهم وهمومهم بلغة فنية جمالية وأن يساهم بالتجاوب معها من المجتمع الرسمي والأهلي؟

–  في الحقيقة ما يقدم اليوم للطفل سواء على خشبة المسرح أو في التلفزيون أو من خلال الانترنت هو دون المستوى اللائق ولا يحاكي أبداً عقل ومكنونات أطفالنا .. بالدرجة الأولى لتقنع الطفل بأي فكرة عليك أن تفعلها أمامه وأن تؤمن بها قولاً وفعلاً .نحن عالم الكبار لا وسيلة لدينا سوى الكلام والكلام، أنا من خلال جمعية أرسم حلمي التي تسهم بشكل كبير وفعال ببناء جيل مؤمن بأن الفن بكافة أشكاله (رسم ،مسرح ،نحت ،خط) هو أجمل وأبلغ لغة للحوار فهو لغة العالم وأنا من خلال المسرح أحاول أنا وأطفالي أن نعالج العديد من القضايا من خلال الحوار المسرحي بلغة فنية تفاعلية سهلة رشيقة بعيداً عن لغة أستاذ ومتلق والاستمرارية هي مقياس نجاح أي هدف نسعى لتحقيقه.

 * ما مشاريعك الحالية والمستقبلية؟

–  نحن الآن أنا وزوجي المخرج والفنان فايز صبوح نقوم بالتحضير لعمل مسرحي للأطفال للمسرح القومي في اللاذقية. كما أننا نحضر أنا وأطفالي في الجمعية لعرض مسرحي نختتم به مهرجان أرسم حلمي القادم .

كيف تقرأين دور المركزية (دمشق) في النشاطات الفنية وما مدى تأثيرها على انتشار الفنانين القاطنين في المحافظات؟ –  في مجال المسرح نحن نشعر بظلم حقيقي عندما نقارن أنفسنا مع عروض العاصمة دمشق ، فهناك تهميش واضح .. فالتغطية الإعلامية تختلف والجولة داخل القطر وخارجه تختلف الأجور المادية تختلف أيضاً . هذا يشعرنا كفنانين بالغبن مع أننا نقدم هنا و في باقي المحافظات عروضاً مسرحية أهم مما يقدم بالعاصمة حتى في مجال الدراما والسينما هناك إجحاف بحق الفنانين من المحافظات الأخرى .على ما يبدو فعلاً : البعيد عن العين بعيد عن القلب..

 * ما المكانة اللائقة التي تتمنين أن يحتلها الفن في المجتمع وكيف تقيمين دوره عموماً وخلال سنوات الأزمة بشكل خاص؟

–  الفن كقيمة بحد ذاته لا يحتاج لأن يستمدها من أحد، الفن خلق وتنوير وبعث للروح. فالمادة المكتوبة مهما عظم شأن كاتبها تبقى ميتة حتى تبعث بها الروح على خشبة المسرح وأتمنى أن ينأى الفن عن السياسة وعن المحسوبيات والشللية البغيضة .أن ينزل الفنان من برجه العاجي ويعيش هموم جمهوره ويكون أداة للتغيير ولاسيما في وقتنا الراهن نحن أحوج ما نكون للفن وأهله .. فالفنان قدوة ومثل أعلى يحتذى به ..فالشعوب والأمم تقيّم من خلال إنتاجها الفني والمعرفي.

  * كلمة أخيرة. الفنان شريك حقيقي بكل تغيير يطرأ على مجتمعنا سلباً أو إيجاباً لذلك على الفنان أن يؤدي الرسالة بكل حب وأمانة فهو فعلاً مؤتمن على بناء ثقافات وأجيال وأتمنى أن أكون على قدر المسؤولية لهذه الأمانة.

ريم ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار