الوحدة: 20-3-2022
تعتمد الشعوب في بناء حضاراتها على مجموعة من العوامل والأسس (الاجتماعية والثقافية والاقتصادية) التي تشكل الركيزة الرئيسية لتقدمها وازدهارها في المجالات كافة .
ويعدّ الأدب بشكل عام وأدب الأطفال بشكل خاص أحد هذه العوامل التي ترفد المجتمعات لتنهض بأجيالها المتعاقبة الحاملة لراية الحضارة فيها .
وفي عصرنا الراهن تغلغلت مجموعة من المصطلحات التقنية الحديثة في حياة أطفال اليوم: كالفيس بوك واليوتيوب، وغيرها من التطبيقات على شبكة التواصل الاجتماعي ، وكذلك ألعاب الفيديو، وبرامج الفضائيات، المجلات الالكترونية، أفلام الخيال العلمي .
فأين هو أدب الأطفال التقليدي من هذه المصطلحات ؟
وهل يدعم أدب الأطفال المعاصر صغارنا بأسس متينة ومساعدة على الإبداع؟
لمواكبة احتياجاتهم المعرفية ؟
أم لا تزال أفكاره مقيدة بمواضيع وتقنيات وقوالب جاهزة؟
وما هي الحلول؟
آراء كثيرة طرحت هذه الإشكالية ومدت مقترحاتها على بساط البحث عبر دراسات وأبحاث جادة .
لكن أين هي من أرض الواقع ؟
الوحدة قامت باستطلاع بعض الآراء لأهالي الأطفال فكانت الإجابات الآتية :
* السيدة هناء محمد – مدرسة قالت : هناك بعض القصص خاصة العالمية منها أضافت كثيراً من القواعد الجديدة لأدب الأطفال ، وإجادة الكتّاب في طرح أفكارهم هي من تسمح للمواضيع الملبية لمتطلبات المعرفة والعلم بأن تكون مطروحة ومتاحة. إذ لا ينبغي إغفال مستجدات الحياة عن نتاجاتهم مراعاة لعقلية الطفل ، بمعنى أن طفل الماضي – على سبيل المثال- كان يقضي وقته في الحدائق والملاعب برفقة أقرانه وهو الآن يدخل على مواقع التواصل، ليمضي معهم أوقاتاً طويلة .
والواجب أن تركز الكتابات الهادفة على التأثير السلبي لهذه التقنيات الحديثة ، وذلك بأن يحاول كل كاتب أن يمتلك لغته وأدواته، وأن يمس المواضيع التي تسهم في بناء شخصية سوية عند أطفالنا .
* السيد مازن غنام – مهندس ، قال : لا أعتقد أن أدب الأطفال المعاصر يواكب من ولدوا في السنوات الأخيرة فهم ينتمون لجيل ( حدث ولا حرج..)، فالتكنولوجيا سيطرت عليهم لأن الأهل تركوهم معها منذ الصغر، والمشكلة أنه لا بدائل جذابة ولا رقابة . ولذلك أقول : لا، لم يساهم في رفع إبداع الجيل الجديد . فحتى الآن لا زالت الأمور السطحية هي المسيطرة على هذا الجيل الجديد، مما يعني أن الأدب الطفلي إن وجد لم يساهم في رفع وعيهم وإدراكهم فكيف له أن يرفع إبداعهم ويلبي حاجاتهم ومهاراتهم .
* السيدة مها الصالح – مهندسة قالت : أظن أن الكتاب دائماً يدعم الإبداع عند الطفل سواء في الماضي أو في العصر الحالي، بمعنى أن كتّاب الأطفال يبذلون مجهوداً فيما يقدمونه للطفل طبعاً بشكل متفاوت.
فابتعاد الطفل عن المطالعة الورقية يرجع لعدم مرافقة الكبير له، فهو لم يعد يمثل له القدوة في حمل الكتاب لأنه هو نفسه مبهور بكل ما في تلك الشاشات ، أعتقد أن الطفل حتى سن العاشرة يستطيع الاستغناء عن الانترنت إذا استطاعت أسرته أن توفر له الكتاب الجيد كصديق دائم في البيت خاصة قبل مرحلة المدرسة و تشجيعه على القراءة ، وتكون قدوة له في تعاملها مع الكتاب.
* السيدة نهال عيد – دبلوم دراسات تربوية ، قالت : يجب أن يواكب الكاتب ما يحدث مع الجيل الجديد من أحداث وتطورات وميلهم للتكنولوجيا. فإن كانت تسيطر عليه فكرة الكتابة للقصص والكتب وفق الأسلوب القديم فليجذبهم لذلك، من حيث التصميم ، والقصة والألوان، والحوار، والأسلوب. وما المانع إن أدخل المفاهيم العلمية الحديثة إلى قصصه بأسلوب مبسط وجذاب .. يجب على الكاتب أن يكون متجدداً، مطلعاً على كل ما هو جديد .
* السيد مراد حنا – مدرس ، قال : باختصار لم تعد الكتابات الموجهة للطفل تلبي احتياجاته الفكرية في ظل الثورة التكنولوجية الرهيبة التي نعيشها ويعيشها أطفالنا ،اليوم أخذهم هوسها، والكتاب لم يعد ضالتهم، والمطالعة لا تشكل شغلهم الشاغل حتى عبر المواقع والشبكات، والذي زاد الطين بلة انفلات الأوضاع من بين أيدينا ، نحن كأولياء ومربين، ففعل القراءة يتشارك فيه الجميع ، وعلينا فعلاً تدارك الأمر رغم صعوبته، فالطفل اليوم يحب تلقي الفكرة بطريقة سريعة ومختصرة وفي نفس الوقت بأسلوب جذاب ومرن.
* بقي للقول : إنّ الأخذ بيد أطفالنا مسؤولية جماعية ، فالتكنولوجيا مهمة بالنسبة لهم و لا يمكن إبعادهم عنها بشكل مطلق ، لكن لو نجحنا في تحديد وقت استعمال تقنياتها وبرامجها وألعابها إلى أقصى حد وإيجاد البديل عنها كمرافقتهم بكتاب أو قصة . يمكننا بذلك أن نصبح قدوة لهم في علاقتنا بالكتاب.. وعندها ستكون الأمور بخير و تكون القراءة كذلك.
فدوى مقوص