الوحدة 12-3-2022
في ليلة ماطرة باردة،جلس قبالة الموقد وراح يتأمّل، فتمنّى لو يرسم تفاحةً كبيرةً باللّونين الأحمر والأصفر ورغيف خبز بألوان قزحيّة يتجاوز حجمه طبق القش.
كان وقع حبّات المطر في الخارج واضحاً، والنّهر القريب يغرق بالغيوم المنخفضة.
يستمّر المطر كزائر وحيد , وقد حوّل الحقول إلى رقعة ( شطرنج) من الحفر الملأى بالماء.
انتبه لأدوات عمله في أقصى ركن من المنزل ذات الغرفة الكبيرة . تلك الأدوات ما زالت توفّر أسباب العمل في أيّ وقت يشاء لكنّه مستمتع بالدفء الآن ، فيما الأرض تتدفأ بالمطر، ولن يقطع متعتها بضربة فأس هنا ومجرفة هناك.
ما زال في حال من الاستغراب والتّأمل , وهذه المرّة من أبناء المدن الذين بلغوا سن الخروج من العمل ، بحجة التّعب والإرهاق ، فيما هو كغيره من أقرانه في الرّيف يعملون لآخر لحظة حياة ، فالأرض لا تبقى صامتة، بل تريد من يكلّمها بلغتها، وإذا كانت السّاعة في المدينة تتعطّل عقاربها، فللريف ساعات تفتح وتغلق كالنوافذ بأمل دائم مزهر وليس كالأمل الهشّ الذي يعشعش في المدن، مما يضطرّهم إلى رسم اللّوحات والمساحات والسّاحات بالألوان المقنّنة.
قال في سّره: لن أرسم شيئاً , بل سأصغي إلى حوار الأرض والمطر، وفي مخيّلتي بيوت تتهاوى وتسقط. إلاّ القبور فتبقى لأنّها جذور في الأرض تنمو وتنبت باستمرار.
ألسنا من التّراب وإلى التّراب نعود ؟
سمير عوض