حروب الخواصر وهَزّ الخصور

الوحدة : 11-3-2022

على مدى عامين مَضيا شَغل فيروس الكورونا العالم بأسره. ” أبو التاج” لا حديث بين الناس سوى الحديث عنه ، استنفار عالمي على مستوى الشعوب والدول والحكومات بكافة مؤسساتها الصحية والعلمية والإعلامية والتربوية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والرياضية والعسكرية. فجأة مع دخول أول جندي روسي أرض أوكرانيا نسي العالم بأسره الكورونا وأزمتها وتوقف الناس عن شتم الخفاش الصيني الذي تسبب بهذه الكارثة، فجأة تحول استنفار العالم بكل قواه للوقوف ضد روسيا ودارت مسننات الماكينة الإعلامية الغربية بشكل فوري باتجاه معاكس من الكورونا إلى أوكرانيا بهدف شيطنة روسيا ورئيسها وجيشها وشعبها وبهدف شرعنة إرسال السلاح والمرتزقة لقتال الروس وشرعنة العقوبات الاقتصادية على روسيا. الموضوع بكل بساطة المنطق وبعيداً عن كابوس الحرب العالمية والتحليلات السياسية والقومية والعرقية المعقدة، أوكرانيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي أضحت تشكل خاصرةً رخوةً لروسيا يريد حلف الناتو الغربي أن ينشر فيها قواعده الصاروخية الأمر الذي يحول هذه الخاصرة إلى منصة تهديد مباشر قد يستهدف الناتو منها القلب الروسي في أي وقتٍ شاء مايجعل الأمن القومي لروسيا في خطر داهم وبالتالي من حق روسيا في ألف باء السياسة أن تتحرك بسرعة لحماية أمنها وتحصين خاصرتها قبل أن تصبح حالة الخطر أمراً واقعاً. في أيامٍ مضت أعطت أميركا لنفسها الحق بحماية “خواصرها” في لبنان وسورية والعراق والخليج وأفغانستان وليبيا رغم أن هذه الخواصر تبعد عن أميركا عشرات آلاف الأميال!! في منظور الغرب الأعور يحق لأميركا غزو الشرق كله لحماية أمنها القومي! في منظور الغرب الأعور يحق لأميركا استخدام السلاح النووي وتدمير مدينتين يابانيتين بالكامل رغم انتهاء الحرب عملياً! في منظور الغرب الأعور يحق لجيش الكيان الصهيوني الغاصب أن يغزو مصر وسورية والأردن ولبنان لتوسيع احتلاله وضمان أمن المستوطنين شذاذ الآفاق! في منظور الغرب الأعور لا يحق للجيش العربي السوري أن يحمي تراب وطنه من وحوش الإرهاب الذين تكالبوا من كل أصقاع الأرض على بوابة الشمس يريدون تدميرها ونهبها! في منظور الغرب الأعور لايحق للجيش الروسي حماية خاصرة بلاده وإحقاق أمنها! في منظور الغرب الأعمى يحق للقوي أن يفعل مايشاء ولا يحق للضعيف أن يتنفس إلا بإذنه في زمنٍ يقال بأنه زمن حقوق الإنسان وزوال العبودية! الأقوياء في العالم يهبون لحماية أمن بلادهم ويخوضون حروب الخواصر فماذا فعل العرب لحماية أمنهم وخواصرهم؟ زار ترامب يوماً إحدى الممالك العربية، هناك حلب ترامب البقرات السمان وأردف خزينة بلاده بأربعمئة مليار دولار، هناك بدلاً من أن يخوض العرب حرب الخواصر رفعوا سيوفهم…وهزوا الخصور !.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار