سوء فهم

الوحدة : 9-3-2022

الأبوة مسؤولية وقليلون هم الرجال الذين يدركون ذلك: فهناك من يظن الأبوة أوامر . وهو يرى نفسه رب عمل وليس رب أسرة ، وكل حياته مقسومة مع أبنائه وحتى مع زوجته بين افعلوا كذا ، ولا تفعلوا كذا ولايوجد بينه وبين البشر المحيطين به سوى هذه اللغة التي إن لم تنفذ وكأنها أوامر عسكرية ، فإن شراً محدقاً سيقع على الجميع .

ويستمر على هذه الحال أعواماً طويلة يبدع فيها هدم صورة الأب الجميلة ويتفنن في خلق مشاعر العداء ضده ، وكأنه ليس والداً و زوجاً ، ثم تكون نهاية أمره بالتمرد الذي سيقوده ذات يوم أحد الأبناء ، بعد أن يعجم الزمان عوده ، وتكبر عضلاته حتى تصبح كعضلات أحد مصارعي السومو ، في حين يضمر كل شيء في الأب المحترم ليصل إلى حجم دماغه الذي كان ضامراً منذ البداية. ونهاية أمر مثل هذا الأب تكون ب( لكمة ) يسددها الابن الثائر إلى وجهه الذي يكون يومها قد امتلأ شيباً ويتهم المجتمع مثل هذا الابن بالعقوق ، بينما العاق الحقيقي هو الأب الذي لم يحسن خلق جو من المحبة والألفة في بيته ، وأساء فهم دوره الذي يجب أن يقوم على التفاهم لا على السب والشتم والأذى. ولو أنه فهم دوره كما يجب ، ومارسه لوجد من أبنائه الوفاء والحب والإخلاص وهناك أيضاً من الآباء من يسيء فهم الدور المنوط به ، ولكن بشكل معاكس ، فيعمد إلى تدليل أبنائه وتلبية جميع طلباتهم التي تكون أوامر ونواهي ، ولكن في الطرف المعاكس هذه المرة…. ونهاية مثل هذا الأب تكون نفس نهاية دور الأب الأول ، مع أنه يتناقض تماماً في أسلوب التربية ، غير أنه للحقيقة لم يكن في أسلوبهما ما يمكن تعريفه تحت مسمى كلمة تربية. ومع تسليمنا بعدم وجود الأب المثالي ، إلا أننا نطالب بالأب المناسب الذي يقوم بدوره باعتباره أباً أولاً ، من خلال القدوة الصالحة ، ثم بعد ذلك من خلال ممارسة دوره بأسلوب علمي و تربوي سليم فلا إفراط ولا تفريط ، وإنما هي تربية وسطية قائمة على العطاء في حدود المقبول، والأخذ في حدود المعقول وعدم تربية الأبناء خارج زمنهم ومطالبتهم بأن يكونوا مثاليين أي أن يكونوا أبناء صالحين يعترفون بأخطائهم إذا أخطأوا ، ويقبلون بأن يقوموا سلوكهم إذا خرجوا عن الجادة ، وهذا هو دور الأبوين عند تنشئة الأبناء، ودور الأب هو الدور الرئيسي في التربية السليمة فهل يعي آباء هذا الوقت أدوارهم، ويقومون بها كما ينبغي أم لا ؟!

إن الإجابة عن هذا السؤال على رغم بساطته سيعني كيف يكون عليه حال المجتمع بعد جيل كامل.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار