الوحدة: 31-1-2022
كلما عدت إلى البيت تصادفني جارتنا أم تيسير فتقدم نشرتها اليومية بدءاً من هموم الأولاد، مروراً بأخبار الحي، وانتهاء بأسعار اللحمة والدجاج والبيض والخضار والفواكه والألبان والأجبان مرددة عبارتها المعهودة: (نم بكير وفيق بكير وشوف الأسعار كيف بتصير)، مع الحديث طبعاً عما يجري في بلدنا والبلدان الأخرى من حوادث ونكبات وويلات…. ذات يوم ألحّت عليّ بالدعوة فدخلت بيتها، وما إن استقر بنا المقام حتى بدأت تبث نشرتها المعتادة دون أن تفسح لي مجالاً بنطق حرف واحد، وبعد تنهيدة طويلة قالت: أتعرفين أن الضيافة مشكلة خاصة في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار، والضيوف أكثر من الهم على القلب، وقد تستقبلين الضيف، وتبالغين في إكرامه والحفاوة به، فلا يكون جزاؤك منه الاّ نتف الوبر.. والضيوف منهم الثقلاء، ومنهم الظرفاء، وحتى الظرفاء قد يبالغون في ظرفهم لدرجة تجعلك تلعنين الساعة التي هبطوا فيها عليك، وعندما شرعت تذكر لي من زارها يوم البارحة، قرع الجرس، ودخلت بعض الجارات، فهرعت لملاقاتهم والتأهيل الحار بهم، وتقبيلهم متجاهلة الكورونا، ومعاتبتهم على التقصير في زيارتها، ولم تكتف بذلك، بل راحت تطلب شهادتي قائلة: ألم أقل لك قبل قليل أنني مشتاقة لهن كثيراً، وأتمنى أن يواصلن الحضور إلى بيتي، عندها كتمت ابتسامتي، قلت: أستأذن فإنني مرتبطة بموعد مهم.. عجباً لهؤلاء الناس، كيف يملكون هذه القدرة على النفاق والإيماء بصدق المشاعر والتعبير.
رفيدة يونس أحمد