من الفناء إلى البقاء

العدد: 9317

21-3-2019

 

هي العبارة الأكثر دقّة والأكثر جمالاً بل إنّها الأكثر غنى وإضافة إلى معنى الحياة..
ويستغرب البعض كيف نخرج بهذه العبارة من معنى إلى معنى آخر، هذا المعنى هو الأبهى والأسمى..؟
هي العبارة التي تقوم على مفهوم الانتقال من المادي إلى المعنوي، من الولادة إلى الاستمرار بعد الفناء والزوال الماديين، وإنْ كنتُ هنا أتوقّف قليلاً عند كلمة الفناء، فلا فناء بالمعنى إلا للفناء المادي الذي حتى في مفهوم الفيزياء يُرفض هذا المفهوم ويحلّ محله أنّ المادة لا تفنى ولا تزول بل تتحوّل وتتبدّل من حال إلى حال.
هي الحقيقة الأبديّة الأزلية التي لا حياد عنها ولا تبديل، أنْ نكون على معرفة حقيقية للأشياء المعنوية وننتقل بعدها وقبل ذلك من خلالها إلى الحقيقة الأكثر وضوحاً والأبهى والأصفى والأكثر جمالاً.
كثيرٌ منّا يسعى إلى الانتقال من الشيء إلى المزيد من الشيء، ولكن تجب الإشارة هنا إلى نقطة هامّة ألا وهي أنّ مفهوم الفناء والزوال أو فكرته (وإنْ كانت بالمعنى غير الذي أتناوله هنا) فإنما أتناول موضوع وفكرة المزيد من الحياة أي أنّ الحياة موجودة بذاتها ويسعى الإنسان مدّة حياته كلّها إلى أنْ ينتقل من هذه الحياة إلى مزيد من الحياة أي من حياة جميلة ومريحة ممتعة إلى حياة أكثر جمالاً ومتعةً.
وهذا لا يعني أنّ الإنسان لن يعيش بلا موت إذا كان هكذا فقط، بل هذا يعني في كثير من الحقيقة والتمكين من أن يكون مُدركاً أنّ الكمال في الشيء وأنّ الشيء ليس بالأمر الهيّن والأسهل لسبب بسيط جداً ألا وهو أنّ مفهوم الكمال ليس بالمفهوم الثابت بالقدر الذي هو متغيّر متبدّل .
إنّ مفهوم الحياة قائم على التجدّد الذي يقوم على مفهومين أساسيين هما (النماء والبقاء) ويبقى الإنسان مدة حياته يبحث عن فكرة الخلود التي ليست ببعيدة عنه ولا غريبة عن الإنسان السّويّ، وإني لأعجبُ كيف يفكّر الإنسان بالخلود وهو خالد، وكيف يفكّر بالبقاء وهو باقٍ؟!
نعم إنّ الإنسان حيٌّ باقٍ وخالدٌ لطالما هناك جنس بشريّ مستمر يسعى من خلال العمل إلى تحقيق مفهوم الحياة بركنيه وأساسيه (التطور والنماء) ويسعى من خلال ذلك إلى تحقيق مزيد من السعادة له وللآخرين .
إنّ فكرة الموت والفناء والانتقال منها إلى فكرة الخلود والبقاء تبقى الحقيقة الكبرى التي يعيشها الإنسان وليست ببعيدة وليس هذا الكلام بعيداً عن الحقيقة بل هو القرب الحقيقي وكلّ القرب للمعنى السليم لحياة الإنسان، عندما يُدرك الإنسان أنّ الحياة تبقى كما كانت للآخر مروراً بالآخر وانطلاقاً من الآخر إلى الآخر عندها يكون المعنى الحقيقي للحياة ويكون المعنى السامي قد ترسّخ في القلوب والعقول هذا المعنى القائم على فكرة من الفناء إلى البقاء.

نعيم علي ميا 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار