العلاقة الجدلية بين الكلمة والصورة في التشكيل السوري

الوحدة : 12-1-2022

 

عاصر الفن السوري ومنذ بداياته لجميع مدارس الفن التشكيلي الحديثة التي نقلت الأشكال من صيغتها الواقعية والمحاكاة إلى التحوير والتبسيط وصولاً إلى التجريد وفن اللا واقع.
حول هذا الموضوع والعلاقة الجدلية بين الكلمة والصورة في التشكيل السوري التقت الوحدة الدكتورة نجوى أحمد (عضوة اتحاد الفنانين التشكيليين وأمينة سر فرع اللاذقية وأستاذة في كليتي الفنون الجميلة والهندسة المعمارية) والتي أفادتنا مشكورة بالآتي:
وجد الفنان السوري في الصيغ الحديثة المحورة والمجردة ما هو أقرب إلى ثقافته الفنية المتوارثة, مما جعل مسألة عصرنة الفن التقليدي مهمة سهلة لديه أوصلته إلى طريق تعريب الفن المستورد ببساطة, لاسيما أن الخوض في مسائل التجريد والتحوير كانت من أصول فنه وثقافته التي نهل منها الغرب.
بالنسبة لعلاقة الكلمة بالصورة هي علاقة تاريخية إذ تطورت الصورة إلى خط, ومن ثم تبينت العملية العكسية في زمننا المعاصر, حيث بدأ الخط يتجه نحو التشكيل الفني التصويري، فمسألة التفاعل بين الكلمة والصورة بقيت دائمة الأخذ والعطاء. أما الخط العربي فقد اتخذ أسلوبين رئيسين: الأسلوب الجاف وحروفه مستقيمة ذات زوايا حادة, والأسلوب اللين وحروفه مقوسة، عرف الأول بالكوفي والثاني بالنسخ. ثم ابتكر المسلمون أنواعاً عديدة نمت عن مطواعية الحروف العربية, وتقبلها للعديد من الأساليب، كما نمت عن مقدرة الخطاط العربي على الإبداع والابتكار، فأضحى الخط العربي فناً إبداعياً بذاته له مدارسه واتجاهاته, وله مبدعوه والموهوبون فيه مما جعله أغنى مظاهر الإبداع، وجعل منه فناً صعب المنال لاحتياجه إلى المواهب الذاتية، هذا ما دل عليه وفرة عدد المصورين الذي كان ولا يزال أقل بكثير من عدد الخطاطين، على أن الفنان السوري قد انصرف في بعض تجاربه عن الخط الكلاسيكي إلى الخط الحر, ووظفه في أعمال تشكيلية مسؤولة خلق عبرها فناً له خصوصية محلية وهوية عربية قومية وضعت حداً للفن المجرد الخالي من الملامح البيئية. ولابد من ذكر أن اختلاف أساليب استخدامات الحروف العربية في التصوير السوري عمل على تباين تيارات يمكن تحديدها بثلاثة: الأول: استخدام الخط بشكله الكلاسيكي والنمطي المعروف من فارسي- ديواني – ثلثي .. إلخ كما فعل مثلاَ محمد غنوم، الثاني استخدمه دون التقيد بقواعده , وأبدع خط آخر حر, وخاص وذاتي كما في تجربة محمود حماد مثلاً, وأما الثالث فقد دمج بين الاتجاهين, وأضاف عناصر أخرى كالزخرفة مثل تجربتي سعيد نصري وعبد القادر أرناؤوط وقد أطلقت على المجموعات التي تبنت استلهام الحرف العربي اسم الحروفيين، كما أن ولادة الكلمة أو العبارة في اللوحة المسندية كانت لدينا مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين, وإن كان ازدهارها بالمعنى التشكيلي أتى متأخراً.
أخيراً: لابد من ذكر أعمال سامي برهان إذ كانت بحروفية شملت النحت إلى جانب التصوير وحملها رسالة إلى خارج بلاده تمثل قدرات الفن السوري.

 رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار