احتفائيـــــة مزدوجــــة بالأمّ والمعلـــم معــاً

العدد: 9316

 الأربعاء- 20-3- 2019

 

كيف لنا أن نفرق الأم عن المعلمة وهما وجهان لإنسانة واحدة سواء كانت أم في المنزل نبعاً للحنان والرحمة عماد الأسرة الناجحة والمجتمع الناجح، تحرص على تربية الأولاد وتنشئتهم على أسس صحيحة بأخلاق عالية وترضعهم لبن التّقى صافية نقية لأجيال قوية وأمينة أم كانت مدرسة حملت على عاتقها تربية أجيال من مختلف الأعمار والمراحل؛ أولاداً تغرس في نفوسهم أسس المعرفة والتعليم فكان لابدّ من تضافر جهود الأمّين معاً لإنشاء جيل واع مؤهل لخوض غمار حياة تتنوع متطلباتها بشكل متسارع ووجب تكريم الأم ليس في هذا اليوم فقط بل مدى الحياة إجلالاً لعطائها الذي لا ينضب وبهذه المناسبة المزدوجة احتفاء بعيد الأم والمعلم التقينا عدّة أمهات معلمات حملن على عاتقهنّ أعباء أبنائهم وهموم أجيال المستقبل منهم: الآنسة لانا ضاهر مدرّسة لغة فرنسية منذ ١٢ عاماً، علمت كافة الأعمار من عمر الـ ٦ سنوات ولغاية المرحلة الجامعية فالتعليم بالنسبة لها هو عشق وفن وليس تلقين للطلاب بل هو علاقة تنشأ بين الأستاذ والتلميذ، ولذلك سميت وزارة التربية والتعليم فالتعليم قبل أن يكون مهنة هو رسالة يؤديها هذا الشخص «المعلم» ليوصل معلومة أو فكرة أو معاملة .. وخصوصاً أن الطفل يقضي معظم وقته في المدرسة بصحبة معلمه فإذا استطاع المعلم أن يوجه الرسالة بالشكل الصحيح فإنه يسهم بإنشاء جيل صحيح، ومن المفترض أن يحمل كل معلم هذه الرسالة ويؤدي واجباته بأمانة . وبما أنّ هذا الجيل مختلف عمّا سبقه بالتفكير ونمط الحياة فما هو الحل الأمثل للتعامل معه ؟ أجابت الآنسة لانا: هذا الجيل صعب لأن اهتماماته وأفكاره تتطور وهو جيل منفتح على عالم التكنولوجيا ومسؤولية المدرس اليوم أكبر من ذي قبل تتطلب منه مواجهة جيل منفتح له شغف وفضول كبير ولا مجال للخطأ أمامه؛ مما يحمّل المعلم مسؤولية زيادة معارفه وثقافته ليواكب التطور ويواكب هذا الجيل حتى يستطيع التفاعل معهم وتجاوز الفجوة التي تُخلق بين الطالب والمعلم بسبب تفاوت الأجيال والأعمار وهنا يكمن دور المعلم الذي من المفروض أن يكون قادراً على استيعاب طلابه وأعمارهم وأسئلتهم فبعض ما نعاني منه في أيامنا هذه اقتصار مسؤولية بعض المعلمين على شرح الدرس فقط، وبالنسبة لي كمدرّسة التعليم هو واجب ومسؤولية فأنا أحاول خلق علاقة صداقة مع تلاميذي مع كامل الاحترام تتخطى جدران الصف وأقدم لهم المساعدة والنصيحة لتجاوز مشاكلهم وأعتمد طرقاً تفاعلية وتحفيزية لتسهيل مسيرة التعليم للأفضل .كما قدمت الآنسة لانا نصيحة من خلال تجربتها لكل أم ومعلمة للنجاح في عملها وهو اللجوء للتنظيم وتنسيق الوقت وبمناسبة عيد الأم والمعلم وجهت تحية حب واحترام لكل أم رمز الحياة وأساس المجتمع ..
الآنسة راما الحايك معلمة صف منذ عشر سنوات أكدت على أهمية دور المرأة الأم فهذا شيء عظيم فكيف إذا كانت أماً ومعلمة بآن واحد وأردفت قائلة: أحاول دوماً أن أكون الأم المثالية التي توفق بين عملها وبين متطلبات بيتها وأطفالها، وأحاول جاهدة أن أقدم الأفضل فمهنة التعليم مهنة مقدسة تتطلب الكثير من الجهد والحذر والكثير من الحب مع جيل ذكي وواع في عصر الانفتاح والانترنت .والجدير ذكره بتجربة راما أنها تحاول اتباع أسلوب الأم وليس المعلمة الصارمة فقط بالحزم حيناً والرقة والعطف حيناً آخر وتحاول جاهدة زرع الثقة والمحبة بينها وبين تلاميذها الذين يرسلون لها عبارات الشكر .
أمّا الآنسة فوزية علي السيد مدرّسة لغة عربية منذ ١١ عاماً تتغلب على صعوبات كونها أمّاً وعاملة وليس بأي مهنة مهنة التدريس النبيلة فهي تلجأ لتنظيم وقتها جيداً لأن الأم والمعلمة تتحملان مسؤولية كبيرة وهي النهوض بالمجتمع نحو الأفضل كما قال الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيّب الأعراق
وأكدت أن تربية هذا الجيل مسؤولية قائلة: طلابنا هم أبناؤنا، فمن هنا ينطلق واجبنا تجاههم فالطالب المعاصر يستطيع الحصول على المعلومة من خلال وسائل اتصال متعددة ومنها تأتي أهمية إرشادهم، وتوجيههم نحو الطريق الصحيح وتعزيز الثقة بالنفس من خلال تسليط الضوء على نقاط القوة والتغلب على نقاط الضعف .
بينما الآنسة ميس الدسوقي منسقة الأنشطة في جمعية مكتبة الاطفال العمومية ومدرّسة حساب ذهني مثال للسيدة الناجحة، والتي تقضي وقتها في العمل الدؤوب والمتواصل لساعات طويلة شاركتنا بهذه المناسبة رأيها: رسالات مقدسة تثقل أعناقنا وتسعد قلوبنا وترقى بأرواحنا لأنها سر وجودنا .. أبدأ بالرسالة الأولى للمرأة ألا وهي الأمومة هذه الرسالة تشغلني في اليقظة والمنام .. والرسالة الثانية هي العمل وبناء الإنسان وكنت أعتقد أن لها وقتاً محدداً فإذا بهذا الوقت يمتد ويمتد وبين الرسالتين واجبات كثيرة ..أما كيف أوفق بينهما؟ فهذا يتطلب تخطيطاً جيداً وتنفيذاً دقيقاً واستعانة بكل أفراد الأسرة منذ الصباح الباكر وحتى المساء المتأخر لننجز كل المهام عل أكمل وجه وبأفضل صورة .
بينما الآنسة صبا علي مدرّسة لغة إنكليزية للصف الأول الابتدائي منذ ثلاث سنوات وأمٌ لطفل في السادسة من عمره لطالما أحبت الأطفال وأجادت التعامل معهم وبعد قدوم مولودها يوسف أصبحت أكثر شغفاً واهتماماً في البحث في بناء نفسية الطفل قبل تحصيلها العلمي .. الأمر الذي يشكل الأهمية الكبرى بالنسبة لها .. وأضافت: كانت جمعية مكتبة الأطفال العمومية بيتنا الثاني .. حيث الدفء والمعرفة واحترام الطفولة والأمومة على حد سواء فنشأ ابني فيها نشأة مميزة وأضافت لحبي لأطفالي أفكاراً جديدة في إيصال المعلومة عن طريق اللعب … وعن صعوبة التوفيق بين أعباء المنزل والمدرسة والتعامل مع التلاميذ أجابت الآنسة صبا: بالنسبة لي سعيدة جداً ولا أجد صعوبة كوني أماً ومعلمة في آن واحد بل على العكس زادني عملي كمعلمة خبرة في التعامل مع طفلي فكل أم هي معلمة لأطفالها ولا تقتصر أمومتها على الحمل والإنجاب .. أحب اللعب مع طلابي وأشعر بالمتعة والسعادة العارمة عندما ألمس تقدمهم دراسياً وأمتلئ غبطة عندما ألاحظ تلك العيون الطموحة المتعطشة للمعرفة أشجعهم وأعشق براءتهم عندما يتسابقون لنيل لقب أمير الصف أو لكتابة اسم أحدهم في قلب أرسمه على السبورة أو حتى للفوز بمكافأة بسيطة .. وعن الأسلوب الأمثل للتعامل مع هذا الجيل الجديد برأي الآنسة صبا: قد تكمن الصعوبة في التعامل مع هذا الجيل في أنه جيل الانترنت والحاسوب ..جيل اليوتيوب وال MBC3.. جيل الحرب والعنف .. ولذلك أنصح كل أم بأن تراقب ما يشاهده أطفالها وأن تلعب معهم قدر المستطاع وتبتعد كلياً عن ألفاظ العنف والشتم وأساليب الضرب والقمع والاستهزاء فمن تربى على هذا النحو سينبذ من أصدقائه لأنه سيمارس عليهم ما تربى عليه مما سيؤثر في نفسيته ويزيده عنفاً وعناداً وحباً للسيطرة .. بالإضافة لضرورة إغناء ثقافتها عن طريق تسجيل دورات تعنى بأساليب التعامل مع الأطفال ومتابعة كل جديد ومفيد .
ختاماً عيد مبارك لكل المعلمين والمعلمات والأمهات في عيدهم يا من يحترقون كعود المسك لأجلنا فكلما احترق فاح شذاً وعبيراً.
جزاكم الله خيراً بما تعملون.

رهام حبيب 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار